منذ انطلاقة الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية كنا نعرف بأننا نتحرك في حقل ألغام هوياتية وسياسية ومؤسساتية تزعج الكثيرين، وتغضب الكثيرين.
لسبب بسيط أننا عقدنا العزم على تقديم تصور جديد للمسألة الهوياتية في المغرب، يؤمن بالمشترك المغربي، وبقيمة الوحدة ضد قيم الاستئصال والتشظي، وبقيمة العمق العربي والإسلامي للشخصية الوطنية، ويركز على الخصم الحقيقي للشعب والدولة والأمة بعيدا عن شعارات التزييف والارتزاق، في حرص دائم على تحديد اتجاه البوصلة.
وهكذا عملنا منذ أن كان الائتلاف فكرة على تشبيك كل المؤمنين بجوهرية العربية في الانتماء الوطني وجمعهم تحت سقف واحد، دون استثناء لأي طيف أو اتجاه، وآمنا بالانفتاح على كل الحساسيات اللغوية والسياسية، وجعلنا سقفنا دستور2011، بثوابته الوطنية، الذي رسَّم التعدد واشتغلنا في إطاره دون مس بقيمة لغة الضاد الحضارية والتاريخية والتنموية، أو إجحاف ضد اللغة الأمازيغية ومكونات الهوية الوطنية.
أغضبنا كثيرين ممن يكررون لازمة الأحادية الهوياتية باسم العروبة أو شعار الاستئصال باسم الأصل الأمازيغي، لكننا آمنا بأن في الوطن متسعا للجميع، وقدمنا أطروحتنا الموحدة دون ضجيج أو صراع.
انزعج الكثيرون من مسارنا، لأننا عرفنا أن رفع ألوية الحروب الهوياتية هو أقصر الطرق للاغتناء المادي والتمكين السياسي، وكنا على وعي تام بأن أدلجة اللغة واستغلالها في الصراعات الحزبية من خلال اللعب على التناقضات الهوياتية لن يستفيد منه غير خصوم الأمة عبر ترسيخ التجزئ الذي يبدأ هوياتيا ويغدو سياسيا وجغرافيا.
وهو ما يظهر حاليا. لذلك حوصرنا وضُيِق على وجودنا من قبل المؤسسات، قبل حكومة "الكفاءات" التي اختارت الارتماء في أحضان الفرنكفونية قولا وفعلا، وفي عهدها.
بل وصل الأمر إلى التضييق على المسار الوظيفي لعدد من رموز الائتلاف وأساتذته، وحرموا من حقوقهم الطبيعية في الترقي والمسؤولية، وأنزل خطباء من منابر الجمعة لمجرد الحديث عن لغة الضاد، ومازال أوار التضييق مستمرا ... وما اختراق الصفحة على الفايسبوك وقرصنتها إلا عنوانا جديدا على هذه الحرب المعلنة والمضمرة.
لكن كل هذا لم يمنعنا من الاستمرار والصدح برؤيتنا ومنافحتنا عن لغة الضاد، والتبشير برسالتنا التي نؤمن بها وندعو إليها إيمانا منا بأن اللغة العربية هي أكبر من مجرد أداة تواصل وتبليغ، بل هي عنوان وجود هذا الوطن، وهذا المجتمع، وهذه الأمة، وأن الدفاع عنها دفاع عن الوطن والمجتمع والذاكرة الجمعية، وأن الحرب عليها حرب على كل ما تحيل عليه من قيم انتماء وهوية..ومستقبل.
شاهد أيضا