مشاريع‭ ‬صورية‭ ‬لتبرير‭ ‬استفادة الأحزاب‭ ‬من مخصصات الدراسات لتمويل أنشطتها

كشف السجال الدائر في الكواليس الحزبية، بسبب ريع الأبحاث والدراسات الذي أثاره التقرير الأخير‭ ‬للمجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للحسابات،‭ ‬عن‭ ‬ضعف‭ ‬تمويل‭ ‬الأحزاب‭ ‬رغم‭ ‬الدعم‭ ‬العمومي‭ ‬الذي‭ ‬تصرفه‭ ‬الدولة،‭ ‬إذ‭ ‬أكدت‭ ‬آخر‭ ‬التسريبات،‭ ‬أن‭ ‬المبالغ‭ ‬الموضوعة‭ ‬في‭ ‬خانة‭ ‬الدراسات‭ ‬والأبحاث‭ ‬خصصت‭ ‬لتمويل‭ ‬أنشطة‭ ‬وتغطية‭ ‬مصاريف‭ ‬تنظيمية،‭ ‬بذريعة‭ ‬أن‭ ‬لها‭ ‬الأولوية‭ ‬على‭ ‬الدراسات‭.‬

وأوضح‭ ‬مصدر‭ ‬من‭ ‬المكتب‭ ‬السياسي‭ ‬للاتحاد‭ ‬الاشتراكي،‭ ‬أن‭ ‬المبالغ‭ ‬المثارة‭ ‬بخصوص‭ ‬هذا‭ ‬الشق‭ ‬من‭ ‬الدعم‭ ‬المخصص‭ ‬للحزب‭ ‬في‭ ‬التقرير‭ ‬الأخير‭ ‬للمجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للحسابات،‭ ‬خصصت‭ ‬لسد‭ ‬عجز‭ ‬سجل‭ ‬في‭ ‬مالية‭ ‬الحزب‭ ‬إبان‭ ‬مؤتمره‭ ‬الوطني‭ ‬الأخير،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬ينفي‭ ‬استفادة‭ ‬شركات‭ ‬محظوظين‭ ‬من‭ ‬المبالغ‭ ‬المثارة‭ ‬بهذا‭ ‬الخصوص‭.‬

وفي الوقت الذي يؤكد فيه الحزب "أنه" تعاقد مع مكتب دراسات لإنجاز مجموعة من الأبحاث والدراسات ، "وبأن" لاشئ في القانون يمنعه‭ ‬من‭ ‬اختيار‭ ‬والتعاقد‭ ‬مع‭ ‬مكتب‭ ‬دراسات‭ ‬يراه‭ ‬أهلا‭ ‬للقيام‭ ‬بإنجاز‭ ‬أبحاث‭ ‬ودراسات‭ ‬سياسية‭ ‬لفائدة‭ ‬الحزب‭” ‬أفادت‭ ‬مصادر‭ ‬حضرت‭ ‬اجتماع‭ ‬المكتب‭ ‬السياسي‭ ‬أن‭ ‬الأعضاء‭ ‬أعلموا‭ ‬أن‭ ‬المبالغ‭ ‬المذكورة‭ ‬خصصت‭ ‬لسد‭ ‬فاتورة‭ ‬مصاريف‭ ‬أنشطة‭ ‬تنظيمية‭. ‬

واعتبر‭ ‬بلاغ‭ ‬للحزب‭ ‬أن‭ ‬الدراسات‭ ‬المنجزة‭ ‬لفائدة‭ ‬الحزب‭ ‬موجهة‭ ‬للاستعمال‭ ‬الداخلي‭ ‬بهدف‭ ‬تجويد‭ ‬الفعل‭ ‬السياسي،‭ ‬وليست‭ ‬موجهة‭ ‬للنشر‭ ‬للعموم،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬مخصصة‭ ‬في‭ ‬مجملها‭ ‬للمساهمة‭ ‬في‭ ‬الرفع‭ ‬من‭ ‬مستوى‭ ‬السياسات‭ ‬العمومية‭ ‬لبلادنا‭ ‬كما‭ ‬دعا‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬في‭ ‬خطابه‭ ‬السامي‭ ‬لمناسبة‭ ‬افتتاح‭ ‬البرلمان‭ ‬يوم‭ ‬الجمعة‭ ‬12‭ ‬أكتوبر‭ ‬2018،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬“يتضح‭ ‬من‭ ‬المقتضيات‭ ‬القانونية‭ ‬بشكل‭ ‬جلي‭ ‬بأن‭ ‬تقديم‭ ‬المحتوى‭ ‬الكامل‭ ‬للدراسة‭ ‬هو‭ ‬مجرد‭ ‬ممارسة‭ ‬فضلى‭ ‬وليس‭ ‬التزاما‭ ‬يقع‭ ‬على‭ ‬عاتق‭ ‬الحزب‭ ‬العمل‭ ‬به”‭. ‬

وكشف‭ ‬الحزب‭ ‬أن‭ ‬مكتبه‭ ‬السياسي‭ ‬يعتبر‭ ‬أن‭ ‬مبدأ‭ ‬وثقافة‭ ‬وأخلاق‭ ‬ربط‭ ‬المسؤولية‭ ‬بالمحاسبة‭ ‬من‭ ‬صميم‭ ‬الهوية‭ ‬السياسية‭ ‬والتنظيمية‭ ‬للاتحاد،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬ظل‭ ‬وسيظل‭ ‬حزبا‭ ‬تقدميا‭ ‬ديموقراطيا‭ ‬وطنيا‭ ‬ملتزما‭ ‬ببند‭ ‬الضمير‭ ‬الحي‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بتعامله‭ ‬مع‭ ‬الربط‭ ‬الجدلي‭ ‬بينهما،‭ ‬كما‭ ‬ذكر‭ ‬بأن‭ ‬دسترة‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للحسابات‭ ‬المحكومة‭ ‬مبدئيا‭ ‬بالتوازن‭ ‬المؤسساتي‭ ‬وتفعيل‭ ‬مراقبة‭ ‬الأمة‭ ‬لماليتها‭ ‬العمومية،‭ ‬شكلت‭ ‬مطلبا‭ ‬دستوريا‭ ‬ممتدا‭ ‬في‭ ‬الزمان‭ ‬والمكان‭ ‬في‭ ‬أدبيات‭ ‬الاتحاد‭ ‬ومسلكياته،‭ ‬وأن‭ ‬الحكامة‭ ‬المؤسساتية‭ ‬والعمومية‭ ‬تظل‭ ‬في‭ ‬صلب‭ ‬التفكير‭ ‬والممارسة‭ ‬السياسيين‭ ‬للحزب‭.‬

وعلق‭ ‬رشيد‭ ‬لزرق،‭ ‬رئيس‭ ‬مركز‭ ‬شمال‭ ‬إفريقيا‭ ‬للدراسات‭ ‬والأبحاث‭ ‬وتقييم‭ ‬السياسات‭ ‬العمومية،‭ ‬على‭ ‬الواقعة‭ ‬في‭ ‬تصريح‭ ‬لـ‭ “‬الصباح‭” ‬بأن‭ ‬المنظومة‭ ‬الحزبية‭ ‬لم‭ ‬تتعامل‭ ‬بالجدية‭ ‬المطلوبة،‭ ‬وعوض‭ ‬أن‭ ‬تتوجه‭ ‬الأحزاب‭ ‬السياسية‭ ‬إلى‭ ‬تخصيص‭ ‬هذا‭ ‬الدعم‭ ‬لأغراضه،‭ ‬تم تحويله‭ ‬إلى‭ ‬ريع‭ ‬سياسي‭ ‬يخصص‭ ‬لأغراض‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬التفكير‭ ‬و‭ ‬الإبداع،‭ ‬مما‭ ‬يوضح‭ ‬أن‭ ‬العمل‭ ‬الحزبي‭ ‬هو‭ ‬منبع‭ ‬الفساد،‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬لأحد‭ ‬أن‭ ‬ينكره،‭ ‬وتحولت‭ ‬المنظومة‭ ‬الحزبية إلى‭ ‬لوبيات‭ ‬تضغط‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬منحها‭ ‬مناصب‭ ‬مدرة‭ ‬للريع‭.‬
عن يومية الصباح