دخل حقل “تندرارة”، وهو أكبر مشروع غاز بري قيد التطوير في المغرب، المرحلة الأولى من التشغيل تمهيداً لإنتاج الغاز الطبيعي المسال لأول مرة في البلاد في النصف الأول من العام المقبل.
أعلنت شركة “ساوند إنرجي” (Sound Energy) البريطانية الإثنين، أن الغاز تدفق لأول مرة من الحقل في شرق المملكة، إلى نظام التجميع تمهيداً لإنتاج تجاري في غضون أشهر قليلة، وربطه بوحدة لتسييل الغاز بمحاذاته.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة “ساوند إنرجي” مجيد شفيق في رد على أسئلة “الشرق” عبر البريد الإلكتروني، إن “الأمر مرتبط ببدء تشغيل المرحلة الأولى من مشروع الغاز الطبيعي المسال”.
وأضاف أن “الغاز المُنتَج حتى الآن ليس للإنتاج التجاري، بل يُستخدم فقط لتشغيل نظام تجميع الغاز، بهدف اختبار عمل مرافق المعالجة، والتأكد من عدم وجود أي تسريبات”.
يُشغّل الحقل من طرف شركة “منا إنرجي” (Mana Energy)، المملوكة لمجموعة “مناجم” المغربية التي تملك حصة تناهز 55%، بينما تحوز الشركة البريطانية حصة قدرها 20%، والباقي للحكومة المغربية من خلال “المكتب الوطني للهيدروكاربونات والمعادن”.
تسليم الغاز لشركة مغربية لمدة عشر سنوات
من المنتظر أن يبدأ الإنتاج التجاري للغاز المسال في وحدة التسييل في الربع الأول أو الثاني من العام 2026، بعد إنهاء المقاولة المكلفة أعمال الهندسة والتوريد والإنشاءات، بحسب تصريح شفيق.
سيُسلّم الغاز المسال في منشأة التسييل قرب حقل “تندرارة” إلى شركة “أفريقيا غاز” (Afriquia Gaz) المغربية، وهي إحدى أكبر الشركات العاملة في قطاع توزيع المحروقات في البلاد.
تتضمن الاتفاقية بين الطرفين توريد كمية قدرها 100 مليون متر مكعب سنوياً (ما يعادل حوالي 10 ملايين قدم مكعب قياسي يومياً)، بسعر يتراوح بين 6 إلى 8.3 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.
قالت شركة “ساوند إنرجي” إن تقدم حقل “تندرارة” نحو الإنتاج التجاري سيُحولها إلى شركة مدرة للدخل، كما سيُمهد الطريق لاتخاذ قرار الاستثمار النهائي للمرحلة الثانية من تطوير الحقل بأكمله وزيادة الإنتاج بشكل أكبر.
ينتج المغرب حالياً أقل من 100 مليون متر مكعب سنوياً من الغاز الطبيعي من حقول صغيرة غرب البلاد، لكن الاحتياطيات فيها شارفت على النفاد. وتستورد البلاد باقي احتياجاتها المُقدرة بنحو مليار متر مكعب سنوياً، من السوق الدولية من خلال “أنبوب الغاز المغاربي الأوروبي” المرتبط بإسبانيا.
زيادة استهلاك الغاز الطبيعي في المغرب
يتضمن امتياز “تندرارة” رخصة استغلال وإنتاج على مساحة تمتد على 133.5 كيلومتر مربع لمدة 25 عاماً ابتداءً من عام 2018، وتُقدّر الموارد فيها بنحو 10.67 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي. وقد استثمرت الشركة البريطانية منذ دخولها المملكة أكثر من 160 مليون دولار في التنقيب عن الغاز، وكانت تملك 75% في البداية، قبل أن تتخارج جزئياً.
وتُراهن المملكة على عدة حقول أخرى برية وبحرية لزيادة الإنتاج وخفض واردات الغاز، والذي تعتمد عليه بالأساس لإنتاج الكهرباء وعمليات تجفيف الفوسفات أحد أبرز القطاعات الصناعية في المملكة، إضافة لصناعة السيراميك والحديد.
من المرتقب أن يتم تشييد خط أنبوب باستثمار 400 مليون دولار على مسافة تصل إلى 120 كيلومتراً، لربط حقل “تندرارا” مع “أنبوب الغاز المغاربي الأوروبي”، وفي مرحلة أخرى سيتم تمديده ليصل إلى مواقع الاستهلاك، على أن يرتبط على المدى المتوسط بمشروع خط أنبوب ضخم مع نيجيريا عبر 11 دولة أفريقية.
إلى جانب تعزيز الإنتاج المحلي، تسعى المملكة لتطوير وحدة تخزين وإعادة تغويز عائمة في ميناء “الناظور غرب المتوسط” الجديد لزيادة الواردات بهدف جعل الغاز الطبيعي وقوداً انتقالياً وتخفيف استعمال الفحم في إنتاج الكهرباء.
تتضمن خطة المغرب زيادة استهلاك الغاز من 1.2 مليار متر مكعب حالياً إلى 12 مليار متر مكعب بحلول عام 2030، سيتم تخصيص أغلبها لمحطات توليد الكهرباء الحالية، وأخرى سيتم تحويلها من الفحم إلى الغاز، كما تراهن البلاد على تطوير شبكة أنابيب ضخمة لنقل الغاز وأيضاً الهيدروجين الأخضر.
الشرق