في تقرير اقتصادي لافت، كشفت شركة “سي بي جي” البرازيلية أن المغرب لا يكتفي بتصدير أكثر من 15 ألف طن من السردين سنوياً، بل يفرض هيمنته المطلقة على سوق المعلبات في العالم، جاعلاً من الصيد البحري ركيزة إستراتيجية في اقتصاده.
وأوضح التقرير أن دولاً قليلة استطاعت تحويل مورد طبيعي واحد إلى محور صناعي ضخم كما فعل المغرب مع السردين، حيث تتصدر المملكة سلاسل الإنتاج والتصنيع والتصدير، وتغذي أسواقاً تمتد من أوروبا إلى آسيا والشرق الأوسط، وفق بيانات دولية ومواقع التجارة العالمية.
وأضافت الشركة أن قوة المغرب الحقيقية تبدأ من ساحله الأطلسي الغني بأحد أقوى أنظمة الارتفاع البحري، التي تصعد فيها تيارات عميقة محمّلة بالمغذيات، ما يخلق بيئة مثالية لانتشار السردين الأوروبي. هذا الازدهار الطبيعي مكّن المملكة من بناء قطاع صيد يستند إلى أسس علمية وصيد مستدام، مدعوم بتحديث الأساطيل وتنظيم فترات الحظر والالتزام بالاتفاقيات الدولية.
كما أشار التقرير إلى أن قرب مناطق الصيد من الوحدات الصناعية يمنح المغرب تفوقاً إضافياً، عبر تقليص الوقت بين الصيد والمعالجة، والحفاظ على الجودة العالية، وهو عامل يفسر تقدمه المريح على منافسيه في سوق المعلبات.
وبيّنت “سي بي جي” أن المغرب أصبح قوة عالمية بفضل بنيته الصناعية الهائلة، حيث تعمل عشرات المصانع بوتيرة متواصلة لتزويد أسواق صارمة مثل فرنسا، إسبانيا، إيطاليا، اليابان والصين. هذا النشاط يوفر مئات الآلاف من فرص العمل ويساهم في انتعاش الموانئ والمدن الساحلية كأكادير وآسفي والعيون.
وأكد التقرير أن المغرب يسيطر على أكثر القطاعات استقراراً وربحية في السوق الدولية، وهو قطاع المعلبات، الذي يتميز بقيمة مضافة عالية وإمكانات تصدير طويلة الأمد، لدرجة أن بعض المناطق الساحلية تعتمد عليه كعمود فقري لنشاطها الصناعي، بما يفوق 50% من إنتاجها المحلي.
وأضافت الجهة ذاتها أن الحكومة تستثمر باستمرار في تحديث أساطيل الصيد والحصول على الشهادات الدولية وتتبع أثر المنتجات، ما يعزز تنافسية المملكة في مواجهة الأسواق الصاعدة، ويمنحها قوة تفاوضية في الاتفاقيات والاستثمارات الدولية.
وخلص التقرير إلى أن المغرب جمع بين وفرة طبيعية نادرة، وبنية صناعية قوية، ولوجستيك عالي الفعالية، وتقاليد بحرية طويلة، ليصبح المنتج الأول عالمياً للسردين المعلب، مسيطراً على السلسلة الكاملة من المحيط إلى التعليب، في نموذج تكامل يصعب على أي دولة منافسته في المستقبل القريب.