أكد محمد غياث، عضو فريق حزب التجمع الوطني للأحرار بمجلس النواب، الرئيس السابق لنس الفريق، أن قانون المالية لسنة 2026 يمثل “خارطة طريق لإدارة وتدبير التحول الاقتصادي والاجتماعي للبلاد”، وليس مجرد وثيقة مالية عادية، مشيراً إلى أن الحكومة استطاعت تمويل كل الإصلاحات دون المساس بالتوازنات المالية.
جاء ذلك في مداخلة مفصلة خلال مناقشة قانون المالية لسنة 2026، وصف فيها غياث السنوات الأربع الماضية بأنها “مرحلة النضج السياسي والمالي والاجتماعي بما لها وما عليها”، مذكراً بأن الحكومة “استلمت زمام الأمور والمغرب مغلق بسبب كوفيد وكل القطاعات بدون استثناء كانت في الحضيض”.
قطاع التعليم: من الهاوية إلى بداية الانطلاق
استعرض غياث واقع القطاعات الحيوية بدءاً بالتعليم، مذكراً بأن “آخر دراسة دولية لتقييم المعارف حول المغرب سنة 2021 صنفت تعليمنا في المرتبة الأخيرة 56 من أصل 57″، وكشف أن “59 بالمئة من الأطفال المغاربة في القسم السادس لا يستطيعون تركيب جملة مفيدة”.
وأضاف: “هذا الترتيب كافي لكي نوضح الإرث الذي دخلت عليه هذه الحكومة”، مشيراً إلى أن “ثلث المدرسين (120 ألفاً) مضربين عن العمل لأنه فرض عليهم التعاقد”.
![]()
وأشاد النائب البرلماني بما وصفه “انتصار العقل” في مباشرة الإصلاح عبر “إصلاح البرامج، ودعم الأسر، وإصلاح فضاءات الاستقبال، والشروع في مدارس الريادة”، معتبراً أن ميزانية التعليم البالغة “100 مليار درهم تؤكد التزام الحكومة والدولة بإنتاج أحسن نسخة من الطفل المغربي”.
قطاع الصحة: من التهالك إلى بداية النهوض
انتقل غياث إلى قطاع الصحة، معترفاً بوجود “إجماع وطني على تهالك القطاع” بسبب “غياب الموارد البشرية ورداءة البنية التحتية وضعف الحكامة لعقود من الزمن”.
وأبرز مجهودات الحكومة في الإصلاح عبر “إصلاح تشريعي شمل كل القوانين وأعاد هيكلة التدبير”، مذكراً بإنشاء “الهيئة العليا للصحة، ووكالة الدم ومشتقاته، والمجموعات الصحية الترابية”، مع زيادة الميزانية من “19 مليار درهم إلى 32 مليار درهم”.
الاستثمار العمومي: تحول في فلسفة الدولة
أشاد المتحدث بما وصفه “تحولاً في فلسفة الدولة حول كيفية بناء التنمية وتحقيق السيادة الوطنية” في مجال الاستثمار العمومي، معتبراً أن تخصيص “380 مليار درهم” ليس مجرد أرقام، بل يعبر عن “نضج في القرار المالي في بلادنا ويجب أن نفتخر بذلك”.
وأضاف: “الاستثمار العمومي اليوم لم يعد مجرد إنفاق بل هو أداة سيادية لإعادة توجيه الاقتصاد الوطني في كل القطاعات المنتجة… الصناعة… الطاقات النظيفة”.
تحديات الاستثمار الخاص والإدارة
رغم الاعتراف بالمجهود الحكومي في “إخراج ميثاق الاستثمار الجديد وتبسيط الحواجز الجبائية وتوسيع التمويل المقاولاتي”، أقر غياث بأن ذلك “لا يكفي”، مشيراً إلى أن “الاستثمار الخاص لا يزال يعاني من ضعف أداء الإدارة في الرخص وفي معالجة الملفات وغموض القرار”.
“جل زد”: مطالب مشروعة واستجابة رزينة
ختم غياث مداخلته بالتفاعل مع ملفات الشباب، معترفاً بأن “مطالب جيل “زد” لم تكن مطالب فئة بل هي مطالب كل الفئات وكل المغاربة من تعليم جيد وصحة متاحة وفرص عمل”.
وأشاد بأن “الدولة والحكومة استجابت برزانة لجل المطالب وهذا هو الاستثناء المغربي”، مذكراً بأن “تكوين طبيب يحتاج ما بين 7 إلى 13 سنة، وتكوين مدرس كفؤ يحتاج 5 سنوات”.
وخلص إلى أن “المغرب انتقل من منطق التدبير بالأزمة إلى التدبير بالثقة.. ثقة المؤسسات المالية وثقة المواطنين في بلادهم”، معتبراً أن “الحفاظ على هذه التراكمات مسؤولية جماعية أمام المغاربة على مستوى الخطاب والممارسة”.