أطلق حزب الاستقلال، مبادرة حزبية تحت مسمى “2025 سنة التطوع”، ناقش آفاقها الاستشرافية خلال لقاء حزبي ترأسه الأمين العام للحزب نزار بركة، جمعه بمختلف تنظيمات الحزب وروابطه المهنية.
وحضر اللقاء الحزبي المنعقد مطلع الأسبوع المنصرم، قادة الحزب من ضمنهم عمر حجيرة، عضو اللجنة التنفيذية ومنسق برنامج “2025 سنة التطوع”، ومصطفى حنين، المفتش العام للحزب، إضافة إلى أعضاء اللجنة التنفيذية وممثلي الروابط والجمعيات المرتبطة بالحزب .
هذه المبادرة وإن بدت بطابع اجتماعي، كما يصفها الحزب، إلا أن سياق تسليط الضوء عليها وإطلاقها الفعلي، يجعلها محط تساؤلات كثيرة، خاصة أنها تأتي قبل أشهر قليلة من الانتخابات.
ولمعرفة تفاصيل هذه المبادرة، وسبب اختيار هذا التوقيت لإطلاقها، وعلاقتها بالانتخابات، تستضيف جريدة بلبريس الرقمية، كاتب الدولة لدى وزير الصناعة والتجارة مكلف بالتجارة الخارجية، عمر حجيرة، عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال ومنسق برنامج “2025 سنة التطوع”.
وفي ما يلي نص الحوار:
بداية.. حدثنا عن تفاصيل إطلاق برنامج “2025 سنة التطوع”؟
كي أضعكم في كرونولوجيا هذه المبادرة، فإن الأمين العام لحزب الاستقلال، وتخليداً لذكرى 11 يناير التي كانت في مدينة الدار البيضاء، أعطى الانطلاقة لسنة التطوع، على أساس أن القيادة الجديدة بعد المؤتمر قررت أن تتبنى سياسة جديدة للقرب مع المواطنات والمواطنين، وخاصة من أجل تعزيز القرب وتعزيز الأدوار الأساسية للأحزاب السياسية المتعلقة بتأطير المجتمع المجتمعي والقرب منه، ونحاول أن نستعيد ثقة المغاربة في السياسة، بفضل المبادرات الفعلية التي ستستمر على المدى الطويل ولن تكون فقط بمناسبة الانتخابات، ولن يكون التواصل والاجتهاد فقط أثناء الانتخابات.
ولهذا سطرنا برنامجاً بقيادة الأمين العام للحزب على أساس إحداث مبادرات في السنوات المقبلة. هذه السنة كانت مخصصة للتطوع، فنحن نشتغل في مجال التطوع وحضر للسنة المقبلة، لتكون هناك عدة مبادرات تهم الشباب، سيتم الإعلان عنها في 11 يناير أيضاً، مع وجود مبادرات أخرى سنة 2027 و2028. بمعنى، هذا المنظومة التي أطلقها الأمين العام حتى نهاية ولايته ونهاية ولاية اعتمدنا نمطاً جديداً في عدة مبادرات من أجل تعزيز حضور التاريخي لحزب الاستقلال كحزب سياسي.
لماذا اخترنا موضوع التطوع؟ لأن موضوع التطوع أولاً هو متجذر فينا، كوننا مسلمين وهذا من بين مبادئ الدين الحنيف. ثانياً، نجد أن من بين الأسس التي كان عليها المجتمع المغربي هو التطوع والتكافل، وهذا مستمر في الزمان والمكان منذ وجود المغرب والمغاربة والدولة المغربية .
وحزب الاستقلال منذ 90 سنة تأسس على التطوع عندما كنا في معركة التحرير بقيادة جلالة الملك محمد الخامس وجلالة الملك الحسن الثاني، وكان هناك تعاون لحزب الاستقلال نشأ على أساس التطوع من أجل استقلال المغرب، لأن استقلال المغرب تأتى بعمليات تطوعية قام بها المغاربة لمكافحة المستعمر من أجل استقلال المغرب.
إذن التطوع هو الأساس الذي بُني عليه حزب الاستقلال، وجئنا ونحن في فترة الاستعمار، كان حزب الاستقلال بقيادة الزعيم علال الفاسي يتجول في المدن المغربية ويحاول أن يخلق مدارس حرة يتطوع فيها المغاربة لتعليم المغاربة، لأن المدرسة آنذاك كانت حكراً على الفرنسيين المستعمرين.
وبعد الاستقلال مباشرة، بدأنا في عملية تطوعية أخرى المتعلقة ببناء طريق الوحدة، والتي كانت ورشاً ووجهة عملية التطوع التي شارك فيها حزب الاستقلال إلى جانب المجتمع المدني والمغاربة والفعاليات، إذن فعملية التطوع لم نكتشفها للتو، بل هي عملية متجذرة في المجتمع المغربي ومن بين أدبيات حزب الاستقلال.
عطفاً على ذلك.. لماذا اخترتم هذا التوقيت بالذات؟
هذه السنة المخصصة للتطوع قسمناها لعدة أشهراً، كل شهر أعطينا له نشاطاً أو أنشطة مختلفة وتكلفت بها إما الروابط المهنية للحزب، إما إحدى التنظيمات الشبابية، إما إحدى الجمعيات الموازية، وهذه الأنشطة منفتحة على جمعيات المجتمع المدني وعلى عموم الشعب المغربي حتى يكون هذا التطوع عملاً تشاركياً للجميع.
والأمين العام في نشاط أول يوم الثلاثاء 2 شتنبر 2025، أعلن أن هناك تجاوباً كبيراً، سواء من ناحية مناضلي حزب الاستقلال أو من ناحية فعاليات المجتمع المدني والمغاربة، وإلى حدود اليوم، هناك مغاربة يتفاعلون مع هذه المبادرة، وسيتم إطلاق المعهد التعادلي الوطني للتطوع والذي سيستمر بعد سنة التطوع.
(مقاطعا)..كيف تردون على من يقول إن هذه المبادرة جاءت في سياق انتخابي فقط؟
البعض يربط هذه المبادرة بالزمن الانتخابي، لكن حزب الاستقلال نشأ على أسس التطوع وبقي التطوع إلى يومنا هذا.
وارتأينا اليوم أنه لا بد أن نحييه من جديد لنعطيه زخماً ووقعاً عند المغربيات والمغاربة وفعاليات المجتمع المدني. لذا يلزمنا أن نُقِيم سنة التطوع.
كما أن من بين اهتمامات حزب الاستقلال مستقبلاً الشباب، والتي لن ننجز فيها ندوة أو اجتماع أو لقاء أو نرفع شعاراً، بل نريد أن نشتغل عليها مدة سنة، وهو الموضوع الذي سيعلن عنه الأمين العام، وسيكون هو موضوع السنة المقبلة. وهذا كما قلت مرتبط ببرنامج القيادة الجديدة بقيادة الأخ الأمين العام وأعضاء اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال بكل تنظيماته في السنوات المقبلة.
وهذا لا يرتبط بأجندة انتخابية، بل إن عمل التطوع يدخل في أدبيات الحزب، واليوم بفضل هذه المبادرة التي أطلقها الأمين العام، أطلقنا حركية من جديد وذكرنا بكل ما هو تطوعي، وأن هذا يعزز تماسك المجتمع وندعو فعاليات المجتمع المدني من جديد إلى إحياء قيم الخدمة للبلاد والخدمة للوطن.
وقال الأمين العام خلال نفس الاجتماع أن هناك مشروع قانون يقدمه الفريق الاستقلالي على أساس أن يكون التطوع منظماً، وأن نقيم له آلية جديدة، ولم لا أن يقدم تعويض رمزي للمتطوع، لأن من غير الممكن ان تقول لشخص ما “اذهب إلى مراكش وقم بعملية تطوع”، لذا على الأقل نساعده بمصاريف أساسية، وهذا لا يعني منحه أجرا ماليا مقابل التطور بل كي نساعده ليتمكن من التطوع”، وهذا بهدف ترسيخ ثقافة المشاركة المجتمعية.
وإلى حدود مطلع الأسبوع، نظم حزب الاستقلال 1050 نشاطاً على المستوى الوطني، وهناك برنامج مكثف إن شاء الله في الأشهر الأربعة المقبلة.
ومن يقول إن هذه المبادرة جاءت ارتباطا باقتراب الانتخابات، نقول له إنه لا يمكن أن نربط حياتنا ونرهن أنفسنا بالانتخابات، وكلما كانت هناك مبادرات نقول أنها بسبب اقتراب الانتخابات.
وخطاب العمل المرهون بالانتخابات هي لأصحاب الدكاكين السياسية ممن يعمل 15 يوم، في حين حزب الاستقلال منذ 90 سنة يشتغل إلى اليوم، كما ان الحزب يعمل على مدى السنوات كلها في مختلف جهات المغرب، أما هذه السنة المخصصة للتطوع فجاءت في 2025، بينما الانتخابات ستجرى في 2026، وسيكون هناك نشاط آخر في 2026 و 2027، إذا ارتهنا بمنطق الانتخابات فلن نشتغل في 2025 بذريعة أن سنة 2026 فيها الانتخابات، ولا يجب أن نشتغل سنة 2026 لأن 2027 فيها الانتخابات، وإذا دخلنا إلى 2028 سنقول اقتربت 2030 التي ستعرف انتخابات، وبهذا المنطق سنغلق الأحزاب السياسية فقط لمجرد كلام عن قرب الانتخابات.
ما هي آفاق هذه المبادرة؟
آفاق هذه المبادرة تتجلى في عدة أمور سوف تُعلن مستقبلا، وهذا جواب على الذين يعتقدون أن المبادرة ستنتهي بنهاية السنة، لأنهم يظنون أنها تكتيك انتخابي.
والجواب هو أن مع نهاية السنة سيتم الإعلان من طرف الأمين العام على عدة مبادرات تصب في استمرار عملية التطوع ومأسستها. وسيدخل أشياء في ثقافة حزب الاستقلال وفي تنظيمه، حيث سيتم إطلاق معهد وطني للتطوع، وميثاق للتطوع، مع اعتماد بطاقات للمتطوعين.
بمعنى، هذا التطوع لهذه السنة بعد نجاحه، سيتم مأسسته وتنظيمه في أخلاقيات حزب الاستقلال إن شاء الله.