في خطوة تصعيدية جديدة، تعتزم نساء من أحزاب مختلف التوجهات السياسية، سواء داخل البرلمان أو خارجه، شنّ حملة واسعة ضد ما يصفنه بـ”إغراق لوائح النساء بترشيحات مفصلة على المقاس”، يتم فرضها بغض النظر عن الكفاءة والاستحقاق.
وذكرت المصادر أن عدداً من المناضلات اللواتي سبق لهن خوض معارك دفاعًا عن حقوق النساء، خاصة أثناء الإعداد لمشروع قانون مدونة الأسرة، عبر تنظيم ندوات مشتركة وتقديم مذكرات موحدة، قررن اليوم لعب دور أكثر تأثيراً لضمان تمثيلية حقيقية للنساء في البرلمان، تتجاوز الثلث، تمهيداً لتحقيق المناصفة الكاملة.
وترى صاحبات الخطوة أن المرحلة تتطلب كفاءات نسائية قادرة على أداء المهام البرلمانية بمستوى عالٍ، سواء في التشريع أو الرقابة على العمل الحكومي أو في تطوير الدبلوماسية البرلمانية، بدل ترشيح أسماء تسقط بـ”مظلات الأمناء العامين” في اللحظات الأخيرة، تحت ذريعة عدم توفر الحزب على نساء مؤهلات سياسياً.
وترفض النساء المنخرطات في هذه الحملة، ممن يوصفن بالكفاءة أو النضال السياسي، ما يسمينه “التدليس السياسي” الذي يمارسه بعض قادة الأحزاب، عبر ترشيح نساء فقط بناء على علاقات بيولوجية أو شخصية، كما هو حاصل حالياً داخل البرلمان بغرفتيه، حيث أظهرت التجربة أن قلة فقط من البرلمانيات برزن بكفاءتهن، فيما التزمت أغلب الأخريات الصمت طيلة ولاية كاملة.
وأكدت المصادر ذاتها أن النقاش داخل الأوساط النسائية تطرق إلى ضرورة إبعاد “المدعومات” من قبل ممولي الأحزاب أو أصحاب المال، أو المقربات من الأمناء العامين، أو حتى الوجوه التي يتم استحضارها في الدقائق الأخيرة فقط لتأثيث المشهد الحزبي والبرلماني، دون أي رصيد سياسي أو برلماني يذكر، وهو ما يعتبر طعناً في مصداقية التمثيلية النسائية.
كما راج في الكواليس أن بعض البرلمانيات الحاليات طلبن فرصة ثانية من قادة أحزابهن، بدعوى أن التجربة البرلمانية الحالية مكنتهن من اكتساب خبرة يمكن أن تكون مفيدة للحزب وللمؤسسة التشريعية، لكنهن يواجهن صعوبات في الترشح بالدوائر المحلية التي يهيمن عليها الأعيان والنافذون، ممن يصرفون أموالاً طائلة لضمان مقعد، وهو ما يعجزن عنه باعتبارهن بعيدات عن دوائر الفساد المالي أو الانتخابي.
وتستعد منظمات نسائية وحقوقية مدنية، فور نهاية العطلة الصيفية، لتقديم مذكرات رسمية إلى الأمناء العامين للأحزاب السياسية، تطالب فيها بتعزيز حضور النساء المؤهلات في اللوائح، وضمان حق الترشح لمن يتوفرن على البطاقة الحزبية، ويقمن بواجبات الانخراط، ويحفظن أدبيات الحزب، ولديهن استعداد فعلي للمرافعة، والمشاركة الفعالة في النقاشات البرلمانية والبرامج الحوارية، وليس فقط الحضور الشكلي.
وتسعى هذه الحملة النسائية أيضًا إلى الضغط في اتجاه التزكية بناء على معايير الكفاءة والجدية ونظافة اليد، سواء للنساء أو للرجال، ورفض منطق “المظلات” الذي يُسقط المرشحين في آخر لحظة لأسباب لا علاقة لها بالاستحقاق، بل تتصل بالقرابة العائلية أو النفوذ المالي أو الانتخابي.
وتأمل المناضلات أن يكون لهذه الحملة صدى فعلي داخل الأحزاب، وأن تفتح النقاش الحقيقي حول كيفية الرفع من جودة التمثيلية النسائية، ليس فقط في الكم، بل في الكيف أيضًا، بما يعيد الثقة إلى المواطنات والمواطنين في العملية السياسية والانتخابية.