النظام الجزائري "الجبان" تهاجم إسرائيل وتلوذ بالصمت أمام واشنطن: سياسة النفاق أم جبن دبلوماسي؟

في بيان صادر عن وزارة الخارجية الجزائرية، حاول النظام الجزائري الموصوف بـ"الجبان" الظهور بمظهر المدافع عن السلم والاستقرار في الشرق الأوسط، مديناً "العدوان الإسرائيلي" على إيران، ومعبّراً عن قلقه من "القصف الأمريكي" لمنشآت نووية إيرانية، دون أن يجرؤ – ولو مرة واحدة – على تسمية الولايات المتحدة مباشرة باعتبارها طرفاً رئيسياً في التصعيد العسكري الخطير الذي تشهده المنطقة.

البيان، الذي صدر يوم 22 يونيو، يأتي بعد ضربات أمريكية استهدفت بالفعل مواقع إيرانية حساسة، وليس بعد الهجوم الإسرائيلي الذي بدأ قبل أكثر من عشرة أيام.

ورغم هذه المعطيات الواضحة، تجاهلت الخارجية الجزائرية ذكر اسم واشنطن صراحة، مفضلة الاحتماء بعبارات مبهمة لا ترقى لمستوى الوضوح والموقف السيادي، وهو ما يطرح علامات استفهام حول الجرأة الدبلوماسية لدى نظام يرفع في كل مناسبة شعارات "السيادة" و"المبادئ" و"عدم الانحياز".

 

الأغرب في البيان الذي اطلعت عليه "بلبريس"، أنه يتحدث عن "إجماع دولي" مفترض حول ضرورة خفض التصعيد، وكأن الجزائر تكتشف اليوم أن الولايات المتحدة – الحليف الأول لإسرائيل – تمضي في خيار المواجهة المباشرة، وتعلن عملياً فشل كل الجهود الدبلوماسية، من فيينا إلى بغداد، مروراً بقمم وبيانات شكلية لم تمنع الطائرات من التحليق والصواريخ من التدمير.

في هذا السياق، يبدو الموقف الجزائري عارياً من كل اتساق. فمن جهة يدّعي النظام أنه يدافع عن إيران وسيادتها، ومن جهة أخرى يغض الطرف عن الطرف الأقوى في المعادلة، أي الولايات المتحدة. فهل تخشى الجزائر التورط في مواجهة مع واشنطن؟ أم أن خطابها الخارجي بات يخضع لحسابات استعراضية لا علاقة لها بالواقع الجيوسياسي؟.

وحسب عدد من المراقبين لـ"بلبريس"، فإنه من الواضح أن ما يجري هو محاولة رخيصة لاستغلال الوضع في إيران لتسجيل نقاط شعبوية على حساب الحقيقة، فحين كانت الطائرات الإسرائيلية تغير على أهداف إيرانية قبل أيام، لم تصدر الجزائر سوى صمتٍ ثقيل، أما حين قررت واشنطن التدخل بقوة، اكتفت بالإشارة إلى "القصف الأمريكي" دون تسمية الفاعل، وهو ما يكشف سياسة النفاق الدبلوماسي التي تنتهجها الجزائر، سياسة لا تسمي الأشياء بمسمياتها ولا تجرؤ على تحميل المسؤولية لمن يملك مفاتيح الحرب والسلم فعلياً.

وحسب المصادر نفسها، فإن بيان الجزائر لم يكن دفاعاً عن السلم، بل وثيقة إدانة لمحدودية شجاعة النظام الجزائري، الذي كلما تعلق الأمر بإسرائيل يتشدق بالخطابات النارية، وكلما ظهر الأمريكي في الصورة، تلعثم وسكت.

 

وهذا نص البيان كاملا : 

في وقت يطبعه إجماع دولي حول البحث في سبل الحد من التوترات في المنطقة، عرف العدوان الإسرائيلي ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية ليلة أمس تطورات بالغة الخطورة زادت التصعيد حدة وشدة من خلال القصف الأمريكي للمنشآت النووية الإيرانية.

والمفارقة أن هذا الإجماع الدولي قد أكد ولا يزال يؤكد على ضرورة وقف إطلاق النار والعودة إلى طاولة المفاوضات والسعي بصدق وحسن نية إلى البحث عن حل سلمي للملف النووي الإيراني.

تعرب الجزائر عن بالغ قلقها وشديد أسفها لهذا التصعيد الذي يفاقم الأوضاع في المنطقة ويعرضها لمخاطر غير مسبوقة وغير محسوبة العواقب. إن حساسية الظرف وخطورته يمليان على الجميع ضرورة الاحتكام إلى دروس تاريخ المنطقة الذي يثبت بما لا ريب فيه أن السبل العسكرية لم يسبق وأن حلت مشكلة من المشاكل التي تطالها.

وعليه، فإن أولوية الأوليات راهنا تكمن في العودة لأسلم وأنجع نهج، بل الأقل تكلفة، ألا وهو النهج السياسي السلمي الذي يستند إلى أحكام وضوابط الشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة الذي من شأنه أن يجنب المنطقة المزيد من التوترات والمآسي.