تقرير إخباري: اللحوم الحمراء تضع الأجنحة وتُحلّق.. والجزارة يمارسون الجشع !

تواصل أسعار اللحوم الحمراء ارتفاعها أيام عيد الأضحى المبارك، حيث تراوحت بين 130 و150 درهماً في محلات البيع بالتقسيط، وبعض المحلات تواجه صعوبات كبيرة في تلبية الطلبات المتزايدة، وسط ضغط غير مسبوق على المجازر الكبرى، التي تعمل وفق سقف محدد لعدد الرؤوس المسموح بذبحها يومياً، مما يزيد من احتمالية اختفاء اللحوم من السوق بسبب ارتفاع الطلب.

 

إقبال للمواطنين و20 كيلو لأسرة الواحدة

 

وسجلت مدن رئيسية، مثل الدار البيضاء والرباط وسلا ومراكش وطنجة، إقبالاً كبيراً من المواطنين على شراء اللحوم استعداداً للعيد، حيث تتراوح الكميات التي يتم اقتناؤها بين 10 و20 كيلوغراماً للأسرة الواحدة، مما يزيد من حدة الضغط على المعروض.

وأشارت عدد من المصادر المتطابقة، بأن المستوردين، خاصة من إسبانيا، لم يتمكنوا من تقدير حجم الطلب بشكل دقيق، حيث بقيت الكميات المستوردة غير كافية لتحقيق التوازن في السوق، في ظل محدودية قدرات المجازر المحلية على تلبية الاحتياجات.

في المقابل، شهدت أسعار بعض المنتجات الثانوية، مثل "الكبد" و"الدوارة"، ارتفاعا ملحوظاً بسبب تدفق كميات كبيرة منها عبر الاستيراد،  وارتفع سعر "الدوارة" 800 درهم بعد أن كان 400 درهم قبل العيد.

 

استغلال بشع للجزارة

 

وفي هذا الإطار يقول علي شتور، رئيس الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق المستهلك، أنه رغم إلغاء شعيرة عيد الأضحى في المغرب لعام 2025 بعد الرسالة الأخير للملك محمد السادس، لتضرر القطيع الوطني بسبب سنوات الجفاف المتتالية أدت إلى انخفاض أعداد الماشية المعدة للذبح، مما أثر سلبًا على العرض المحلي، مضيفا "ما كان يُتوقع أن يُسهم في خفض أسعار اللحوم الحمراء، إلا أن الأسعار ما زالت مرتفعة، بل شهدت زيادات ملحوظة في بعض المناطق".

شتور يضيف في تصريح لـ"بلبريس"، "بعض التجار قد استغلوا الوضع (منع الذبح) لرفع الأسعار بسبب قلة المنافسة أو بحجة ضعف المعروض (العرض والطلب)، ما أدى إلى رفع غير مبرر للأسعار في غياب رقابة فعالة قد شجع بعض التجار على فرض أسعار غير مبررة، خصوصًا في ظل غياب الذبح المحلي الموسمي".

واسترسل المتحدث، "من هنا لوحظ تفاوت الأسعار بين المناطق المدن الكبرى مثل الدار البيضاء والرباط التي شهدت أسعارًا أعلى مقارنة بالمناطق القروية، بسبب الطلب المرتفع وتكاليف التشغيل المرتفعة"، مضيفا "الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق المستهلك المنضوية تحت لواء الجامعة المغربية لحقوق المستهلك تلعب دورة فعالا داخل المجتمع في التحسيس والتوجيه وترسيخ التقافة الاستهلاكية لدى المواطن المغربي سوءا في الشارع او عبر الإعلام السمعي البصري كما أنها تقوم برصد و إصدار تقارير دورية حول أسعار اللحوم في الأسواق المختلفة وتحديد الفروقات بين السعر الحقيقي وسعر السوق مع نشر معلومات دقيقة للمستهلكين عن حقوقهم، وحثهم على التبليغ عن أي تجاوزات أو غش تجاري و الشراء من مصادر موثوقة فقط مع التأكد من جودة اللحوم ومصدرها قبل الشراء".

وتابع المتحدث، "كما تحت كذلك على ترشيد الاستهلاك الجماعي و المشاركة في المبادرات التي تهدف إلى تقليل الاستهلاك المفرط حتى لا يكون هناك هدر للمنتوج والتخفيف من الضغط على الأسواق، فالجهات الحكومية مطالبة بتشديد المرقابة الدائمة وليس الموسمية التى لم تعطي أي نتائج تذكر لحد الان،كما تناشدها بتكثيف التفتيش والمحاسبة على التجار والسمايرة المتلاعبين بالأسعار".

 

ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء يصل للبرلمان

 

في سياق متابعة ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء قبيل عيد الأضحى، تقدمت فاطمة التامني النائبة البرلمانية عن فيدرالية اليسار، بسؤال كتابي إلى وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، مطالبة ببيان الإجراءات الكفيلة بمعالجة هذا الارتفاع غير المبرر.

أكدت التامني في سؤال اطلعت "بلبريس" على نسخة منه، أن أسعار اللحوم شهدت ارتفاعاً لافتاً خلال الفترة الأخيرة، حيث تجاوز سعر الكيلوغرام الواحد 150 درهماً، بينما سجلت أسعار بعض الأجزاء مثل الكبد والدوارة مستويات قياسية، مما أثار موجة استياء بين المواطنين. وأشارت إلى أن هذا الارتفاع يعكس ممارسات احتكارية تهدف إلى خلق ندرة مصطنعة لتحقيق أرباح غير مشروعة.

وفقاً لتحليلات متابعين، أرجع البرلمانية هذا الارتفاع إلى سياسات تقييد العرض التي يفرضها بعض تجار الجملة والجزارين، من خلال تحديد سقف الذبح وتقليل الكمية المعروضة في السوق، مما يؤدي إلى اختلالات كبيرة في الأسعار.

وأكدت أن غياب تدخل حكومي فعال لمراقبة السوق زاد من تفاقم الأزمة، خاصة في ظل الظروف الاستثنائية المرتبطة بإلغاء شعيرة عيد الأضحى، والتي أثرت بدورها على سلاسل التوزيع.

أثارت النائبة تساؤلات حول جدوى السياسات الفلاحية الحالية، وما إذا كانت قادرة على ضمان الأمن الغذائي وحماية القدرة الشرائية للمواطنين. واختتمت مطالبتها بتوضيح الإجراءات التي تعتزم الوزارة اتخاذها لمواجهة المضاربة والاحتكار، وضمان استقرار الأسعار في السوق.