في جلسة برلمانية بالغرفة الثانية، انتقد وزير العدل عبد اللطيف وهبي انتقادات حادة لمدونة السير، واصفاً إياها بأنها قانون "منحرف" يعزز التمييز الطبقي، حيث يمنح تعويضات مالية كبيرة للأثرياء بناءً على دخلهم، بينما يكتفي بتقديم مبالغ زهيدة للفقراء.
وأعلن الوزير، خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس المستشارين، عن قرب إحالة مشروع قانون جديد إلى البرلمان لتعديل ظهير 1984 المتعلق بحوادث السير. وأوضح أن التعديلات تشمل مراجعة شاملة لآجال التقاضي، ورفع الحد الأدنى للأجر المعتمد في التعويضات من 9270 إلى 14270 درهماً، إلى جانب معالجة قضايا التقادم وإدراج تصرفات ووقائع جديدة لم تكن مشمولة في المدونة السابقة.
وفي سياق متصل، تطرق وهبي إلى صندوق مال الضمان، مشيراً إلى تقاعسه في السابق عن أداء مستحقاته رغم امتلاكه احتياطيات ضخمة، حيث تم الحجز على 186 مليون درهم من أرصدته بمبادرة من المحامين. وأشاد بالمدير الجديد للصندوق الذي نجح في تسوية ملفات بقيمة 90 مليون درهم خلال 2023 و2024، و43 مليون درهم خلال العام الجاري.
على صعيد آخر، تحدث الوزير عن مشروع القانون الجنائي، الذي أكملت وزارته صياغته منذ فترة، لكنه لا يزال عالقاً وسط خلافات بين توجهات حداثية وأخرى محافظة. وأعرب عن تشاؤمه من إمكانية إقراره بالصيغة المرغوبة، مؤكداً أنه إذا لم يتماشَ المشروع مع قناعاته وقناعات الحكومة، فمن الأفضل ألا يرى النور. وشدد على ضرورة إصلاح القانون الجنائي ليتماشى مع تحديات العصر، لاسيما مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، وتزايد الانتهاكات ضد الحياة الخاصة، وتطور الذكاء الاصطناعي. وتساءل الوزير عن نوعية القانون الجنائي المطلوب، هل هو قانون حديث يعالج الجرائم بمقاربة عصرية، أم قانون يعيد ممارسات عفا عليها الزمن؟
كما دعا وهبي إلى نقاش مفتوح حول إصلاح القوانين، مؤكداً أن القواعد القانونية ليست "أصناما" بل من صنع العقل البشري، ويجب أن تتطور لتواكب تحولات المجتمع. وفي سياق متصل، اقترح فرض مسؤولية قانونية على الآباء عن تصرفات أبنائهم القاصرين، خاصة فيما يتعلق بحيازة الأسلحة البيضاء، مشيراً إلى أن الوزارة تدرس فرض غرامات قد تصل إلى مئة مليون سنتيم لمعالجة هذه الظاهرة. وأكد أن الإصلاح التشريعي يتطلب شجاعة لمواجهة التحديات المعاصرة وضمان الأمن القانوني وحماية الحقوق والحريات.