تحليل: التحالف المغربي-الإسباني يعمق عزلة الجزائر ويهدد مصالحها !
يشكل التقارب الاستراتيجي المتصاعد بين المغرب وإسبانيا ضربة قاسية للنظام في الجزائر، الذي وجد نفسه فجأة أمام تحدي وجودي يهدد نفوذه الإقليمي ومصالحه الاقتصادية. فالمباحثات الأخيرة بين وزيري خارجية البلدين في مدريد، والتي أكدت على تعزيز الشراكة متعددة الأبعاد، لم تكن مجرد لقاء روتيني، بل كانت إعلاناً صريحاً عن ولادة تحالف إقليمي جديد يضع الجزائر في موقف دفاعي محرج.
لقد تحول الاعتراف الإسباني الرسمي بمغربية الصحراء إلى كابوس حقيقي للجزائر، التي بنت سياستها الخارجية لعقود على دعم الانفصاليين. هذا القرار التاريخي لم يعزز فقط موقف المغرب دولياً، بل كشف أيضاً عن العزلة الإقليمية المتزايدة للجزائر، التي فشلت في قراءة التحولات الجيوسياسية في المنطقة. فبينما يعمل المغرب وإسبانيا على تعزيز التعاون الاقتصادي والأمني، تظل الجزائر حبيسة سياساتها العدائية المتكلسة، التي لم تجلب لها سوى المزيد من التهميش.
الشراكة الاقتصادية المغربية-الإسبانية، خاصة في مجال الطاقة والبنيات التحتية، تهدد بشكل مباشر المصالح الجزائرية، التي كانت تعتمد على تصدير الغاز إلى إسبانيا كورقة ضغط سياسية. لكن مع تحول إسبانيا نحو المغرب كشريك موثوق، بدأت الجزائر تفقد واحدة من آخر أوراقها المؤثرة في العلاقات الدولية. كما أن التعاون الثنائي في مجال الأمن ومكافحة الهجرة غير الشرعية يزيد من عزلة الجزائر، التي كانت تستخدم هذه الملفات لابتزاز الجانب الأوروبي.
لا يمكن للنظام الجزائري أن يخفي ارتباكه إزاء هذا التحالف الجديد، خاصة بعد أن أصبحت الدبلوماسية الجزائرية عاجزة عن مواجهة الزخم المغربي-الإسباني. فبينما توقع النظام الجزائري أن يؤدي قطع العلاقات مع المغرب إلى عزلة الأخير، كانت النتيجة عكسية تماماً، حيث وجدت الجزائر نفسها خارج المعادلة الإقليمية، بينما يعزز المغرب تحالفاته الاستراتيجية مع القوى الإقليمية والدولية، مع الإشارة للعزلة أيضا التي تعيشها الجزائر مع الجوار الإفريقي لاسيما مالي وبوركينافاصو والنيجر.
الحدث الأكثر إيلاماً للجزائر هو التحضير المشترك بين المغرب وإسبانيا لاستضافة كأس العالم 2030، الذي يمثل تتويجاً للتعاون الاستراتيجي بين البلدين. هذا المشروع العملاق ليس مجرد حدث رياضي، بل هو إعلان عن ولادة قطب جديد في المنطقة، تقف الجزائر على هامشه، عاجزة عن التأثير أو المشاركة.
في النهاية، يبدو أن النظام الجزائري، الذي اعتاد على سياسة العداء والعناد، قد دفع ثمن غروره السياسي. فبينما كان يراهن على استمرار الخلاف المغربي-الإسباني، فوجئ بتحول إسبانيا إلى حليف استراتيجي للمغرب، مما عمق أزمته الداخلية وزاد من عزلته الإقليمية.
هذا وجددت إسبانيا، أمس الخميس، التأكيد على أن مبادرة الحكم الذاتي تشكل «الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية لتسوية النزاع» الإقليمي حول الصحراء المغربية.
وذكر وزير الشؤون الخارجية والاتحاد الأوروبي والتعاون الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس بوينو، في تصريح للصحافة، عقب لقاء عقده، بمدريد، مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، بأن إسبانيا تعترف بأهمية قضية الصحراء بالنسبة للمغرب، وكذا بالجهود الجادة وذات المصداقية للمملكة، في إطار الأمم المتحدة، لإيجاد حل مقبول من قبل الأطراف.
وفي هذا الصدد، تعتبر إسبانيا المبادرة المغربية للحكم الذاتي، التي تقدمت بها المملكة سنة 2007، بمثابة الأساس الأكثر جدية، وواقعية ومصداقية لتسوية هذا النزاع.
ويندرج هذا التأكيد على الموقف الإسباني في إطار الدينامية الدولية، التي يقودها الملك محمد السادس، الداعمة لسيادة المغرب على صحرائه ولمبادرة الحكم الذاتي كحل وحيد لهذا النزاع. وهكذا، تجدد إسبانيا التأكيد بشكل راسخ على دعمها للمبادرة المغربية وتعزز الزخم الدولي الذي «أشاد به القرار الأخير رقم 2756 لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة»، والذي «يدعو إلى تفعيله بشكل فوري».
ومن خلال موقفها المتين والواضح الداعم لمخطط الحكم الذاتي، تكون إسبانيا قد بعثت برسالة قوية تؤكد التزامها بالانخراط في هذه الدينامية الدولية، والمساهمة في الجهود المبذولة في إطار العملية السياسية بهدف التوصل إلى حل نهائي واقعي يقوم على التوافق للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية.
من جانبها نشرت صفحة الخارجية المغربية، "أجرى الوزير ناصر بوريطة، يومه الخميس بمدريد، مباحثات مع نظيره الإسباني، خوسي مانويل ألباريس، الذي شدد على أن إسبانيا تجدد التأكيد على أن مبادرة الحكم الذاتي "الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية لتسوية النزاع" الإقليمي حول الصحراء المغربية".