"انتشار الفراشة".. متى سيخرج مزور من مبدء الاتهامات ويتحمل المسؤولية؟

في اعتراف صريح بفشل سياسة تنظيم الباعة المتجولين المعروفين بـ"الفراشة"، حمّل وزير الصناعة والتجارة، رياض مزور، الجماعات الترابية مسؤولية تعثّر مشاريع الأسواق النموذجية، غير أن هذا التصريح يخفي حقيقة أن المسؤولية مشتركة وتقع على عاتق الحكومة بالدرجة الأولى، في إطار التضامن الحكومي.

أكد مزور خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب الاثنين أن الوزارة وفرت الدعم المالي والتقني اللازم، لكن النجاح بقي رهيناً بجاهزية الجماعات المحلية. هذا الطرح يثير تساؤلات حول جدوى التخطيط المركزي إذا كان التنفيذ الفعلي يعتمد على كفاءة هيئات محلية تفتقر في كثير من الأحيان للإمكانيات والرؤية الواضحة.

الوزير حاول تبرير الفشل بالحديث عن "مسؤولية جماعية"، لكنه أغفل حقيقة أن الحكومة هي التي تتحمل العبء الأكبر في ضمان تنسيق السياسات العامة وتذليل العقبات بين الإدارات المركزية والمحلية. كيف يمكن تبرير اختلاف النتائج بين جماعة وأخرى إذا كانت المعايير والتمويل موحداً من الوزارة الوصية؟

الإشارة إلى أن بعض الجماعات "استفادت من الدعم ونجحت" بينما أخفقت أخرى، تكشف عن خلل هيكلي في نظام المتابعة والتقييم. فبدلاً من الاكتفاء بانتظار مبادرات المحليات، كان على الوزارة وضع آليات تضمن تنفيذاً موحداً للمشروع على المستوى الوطني.

وعود الوزير بـ"مواكبة أي جماعة تضع برنامجاً واقعياً" تظل مجرد وعود في ظل غياب إطار زمني واضح وآليات تنفيذ ملموسة. السؤال الذي يفرض نفسه: أين كانت خطة الطوارئ لمعالجة تعثر المشاريع قبل وصولها إلى مرحلة الفشل؟

الحكومة مطالبة اليوم بالخروج من منطق تبادل الاتهامات واعتماد مقاربة شاملة تعالج جذور المشكلة. فالباعة المتجولون ليسوا مجرد ملف إداري، بل هم فاعلون اقتصاديون يستحقون سياسة واضحة تضمن كرامتهم واستقرارهم المهني، وهذا لن يتحقق بتبادل التهم بين الإدارات، بل بإرادة سياسية حقيقية تترجم إلى أفعال ملموسة.