اتصالات دبلوماسية بين المغرب والولايات المتحدة تثير جدلاً في الصحافة الإسبانية

أثارت المباحثات التي أجراها وزير الخارجية الأمريكي الجديد، ماركو روبيو، مع نظيره المغربي ناصر بوريطة، موجة من الانتقادات في كبرى الصحافة الإسبانية، التي اعتبرت أن هذه الخطوة تعكس "تفضيلاً" من قبل إدارة ترامب للمغرب على إسبانيا.

في هذا السياق، نشرت صحيفة "الموندو" مقالًا تحت عنوان "ترامب يستبعد إسبانيا في اتصالاته الأولى: المغرب وتسع دول أوروبية قبل ألباريس"، أشارت فيه إلى أن الرئيس الأمريكي فضل التواصل مع المغرب وتسع دول أوروبية أخرى قبل إسبانيا، مما يعكس، بحسب الصحيفة، تباينًا واضحًا في العلاقات الأمريكية-الإسبانية، يشبه ما حدث خلال فترة ترامب الرئاسية الأولى.

 

وأضافت الصحيفة أن إدارة ترامب لم تُجرِ أي اتصال رسمي مع المسؤولين الإسبان منذ أكثر من أسبوع على تسلمها السلطة، مؤكدة أن العلاقة بين البلدين لم تكن أولوية لواشنطن منذ فترة طويلة. ولفتت إلى أن أحد أبرز أسباب هذا الفتور هو انتقاد ترامب المستمر لمستوى إنفاق إسبانيا الدفاعي، فضلًا عن التباين الأيديولوجي بينه وبين رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز.

 

وأمام هذا التجاهل الأمريكي، تضيف الصحيفة، يسعى سانشيز إلى تعزيز موقع بلاده على الساحة الدولية عبر توطيد العلاقات مع الصين ودفع الاتحاد الأوروبي لاتخاذ موقف أكثر حزمًا تجاه سياسات ترامب، في محاولة لتعويض الفجوة الدبلوماسية مع واشنطن.

 

من جانبها، نشرت صحيفة "ذي أوبجكتيف" مقالًا بعنوان "ترامب لا يراهن على إسبانيا في اتصالاته الأولى ويعطي الأولوية للمغرب"، أكدت فيه أن إسبانيا ليست ضمن أولويات ترامب في اتصالاته الدبلوماسية الأولى، إذ أظهرت الخطوات الأولى لإدارته تركيزًا على تعزيز العلاقات مع دول أوروبية أخرى والمغرب، بينما بقيت مدريد في المرتبة الثانية من حيث الاهتمام.

 

ووفق الصحيفة، فإن هذا الموقف الأمريكي لا يقتصر فقط على التعاون العسكري، بل يعكس أيضًا استياء ترامب من السياسات الاقتصادية والدفاعية التي تتبعها إسبانيا، والتي يعتبرها غير متوافقة مع التزاماتها داخل حلف شمال الأطلسي (الناتو). كما أشارت إلى قرار مفاجئ من ترامب بضم إسبانيا إلى مجموعة "البريكس"، التي تضم الاقتصادات الناشئة، مما يعكس تغيرًا في تصنيفها داخل الأولويات الدبلوماسية الأمريكية.

 

أما صحيفة "الإندبندنتي"، فقد تناولت الموضوع من زاوية أخرى، مسلطة الضوء على تحركات وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، الذي أجرى خلال الأيام التسعة الأولى من توليه منصبه اتصالات مع 34 شخصية بارزة، من بينهم قادة دول ومسؤولون حكوميون من كندا، إسرائيل، السعودية، الأردن، الإمارات، اليابان، وكوريا الجنوبية، إلى جانب المغرب.

 

وأشارت الصحيفة إلى أن هذه التحركات تُظهر بوضوح أجندة الإدارة الأمريكية الجديدة، حيث تخضع كافة الاتصالات والتصريحات لمراجعة دقيقة تعكس أولويات واشنطن الاستراتيجية.

 

وفي سياق متصل، أشاد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو بالدور البارز للملك محمد السادس في تعزيز الأمن والاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي، وذلك خلال مكالمة هاتفية أجراها مع نظيره المغربي ناصر بوريطة. وأكد بيان صادر عن الخارجية الأمريكية أن المحادثات تناولت قضايا مهمة، من بينها تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، تحرير الرهائن، ودور المغرب المحوري في إيصال المساعدات الإنسانية إلى الشعب الفلسطيني.

كما أعرب الوزير الأمريكي عن رغبة بلاده في تعزيز التعاون مع المغرب لتحقيق المصالح المشتركة، خاصة في إطار اتفاقيات أبراهام، مع التركيز على توطيد العلاقات الاقتصادية من خلال زيادة التبادلات التجارية والاستثمارات بين البلدين.

تظهر هذه المستجدات أن إدارة ترامب تواصل نهجها في ترتيب أولوياتها الدبلوماسية بما يخدم مصالحها الاستراتيجية، وهو ما يعكسه اختيارها للتواصل مع دول بعينها قبل غيرها. وبينما تسعى الصحافة الإسبانية لتفسير هذا التوجه على أنه تجاهل أو تفضيل، يبدو أن واشنطن تتحرك وفق حسابات جيوسياسية تتجاوز مجرد العلاقات التقليدية، مركزة على شركاء تراهم أكثر تأثيرًا في استراتيجيتها العالمية.