الأمن القانوني في المغرب: بين غموض النصوص وتحديات التطبيق القضائي
أبرزت دراسة أكاديمية حديثة أن غياب التنصيص الواضح على مبدأ الأمن القانوني في الدستور المغربي لا يعني غياب معاييره، مؤكدة أن الوثيقة الدستورية تضم نصوصًا تضمن هذا المبدأ بشكل ضمني، وأن تحقيق الأمن القانوني يعتمد على الممارسة والتطبيق الفعلي للدستور، وليس فقط على وجود نصوص صريحة.
الدراسة، التي نشرت في عدد يناير 2025 من مجلة "دفاتر برلمانية"، أكدت أن قرارات القضاء الدستوري تلعب دورًا تكميليًا للمشرع وتسهم في ترسيخ الأمن القانوني من خلال مراقبة دستورية القوانين وضمان توافقها مع معايير الجودة والاستقرار وعدم الرجعية. كما تسهم هذه القرارات في سد الفجوات التفسيرية وتوضيح الغموض في فصول الدستور، عبر تقنيات تأويلية مثل القراءة التركيبية الشاملة.
وتناولت الدراسة أمثلة من التجربة المغربية، مشيرة إلى قرارات المجلس الدستوري التي رفضت تخصيص كوطا مسبقة للنساء في المناصب العمومية، مستندة إلى تفسير شامل لفصول الدستور مثل الفصل 6 والفصل 19. ورغم هذا التقدم، أكدت الدراسة وجود تحديات، من بينها غياب تحديد واضح للطبيعة القانونية لمراسيم القوانين وعدم تحديد الجهة القضائية المخولة بمراقبتها، مما يؤثر سلبًا على مبدأ الأمن القانوني.
وشددت الدراسة على أهمية وجود دستور دقيق وشامل، إلا أنها نبهت إلى استحالة تغطيته لكل الإشكالات المستقبلية، مما يستدعي تدخل القضاء الدستوري لملء هذه الفجوات وضمان استقرار المنظومة القانونية. وأوضحت أن القاضي الدستوري يلعب دورًا أساسيًا كضامن لهذا المبدأ، حيث يتولى رفع الشكوك حول دستورية القوانين المحالة إليه حتى في حال وجود قرينة بدستوريتها.
ورغم وجود حماية قضائية لمبدأ الأمن القانوني، أشارت الدراسة إلى ضعف هذه الحماية في بعض الحالات، مثل تناقض الاجتهادات القضائية واختلاف تفسير القواعد القانونية. كما انتقدت انفلات مراسيم القوانين من المراقبة القضائية، معتبرة ذلك تهديدًا للأمن القانوني والقضائي على حد سواء.
واختتمت الدراسة بالإشارة إلى غياب استقرار الاجتهاد القضائي في بعض القضايا، مثل استقالات أعضاء البرلمان، رغم ثبات النصوص القانونية المنظمة لها في ظل دستور 2011. وخلصت إلى أن تعزيز مبدأ الأمن القانوني يتطلب معالجة هذه الإشكالات وضمان تناغم القرارات القضائية مع روح الدستور.