في تحول لافت على الساحة السياسية المغربية، شهدت الأيام الأخيرة موجة من الاستقطابات التي قد تعيد تشكيل الخارطة السياسية في المملكة. فبعد إعلان انضمام “التكتل الديمقراطي المغربي” بقيادة زهير أصدور إلى حزب الحركة الشعبية، تلته أخبار عن التحاق تيار أبو الغالي، الذي كان ينتمي إلى حزب الأصالة والمعاصرة، بالحركة ذاتها. وبحسب المعطيات المتوفرة، من المنتظر أن تلتحق غدًا خمس تيارات جديدة من خمسة أحزاب كبيرة وصغيرة بالحزب، ما يطرح تساؤلًا كبيرًا حول مستقبل الحركة الشعبية: هل ستصبح هذه الأخيرة “محج الغاضبين” في الساحة السياسية المغربية؟
من الواضح أن حزب الحركة الشعبية تحت قيادة محمد أوزين يسير بخطى ثابتة نحو استقطاب مكونات سياسية متنوعة، في خطوة تهدف إلى تعزيز قوته في الانتخابات المقبلة وتعميق تأثيره في المشهد السياسي. ومن خلال استقطاب تيارات كانت جزءًا من أحزاب أخرى، يعكس الحزب رغبته في الاستفادة من السخط الداخلي لدى هذه المكونات وتوجيهه نحو تحالفات جديدة قد تضفي قوة تنظيمية وانتخابية على الحركة الشعبية.
يُعتبر انضمام “التكتل الديمقراطي المغربي”، الذي يضم العديد من الأطر السياسية المنتقدة للمشهد السياسي الحالي، خطوة استراتيجية من حزب الحركة الشعبية. فالتكتل، الذي تأسس على خلفية خلافات داخل حزب جبهة القوى الديمقراطية، أعلن عن رغبته في الانضمام إلى الحزب في إطار مشروع سياسي مشترك يعزز الديمقراطية والعمل الوطني. هذا التحالف يعكس رغبة الحزب في استقطاب الشخصيات التي تعارض الواقع السياسي الراهن، خاصة بعد التوترات التي شهدها حزب “الزيتونة” على خلفية الخلافات بين حميد شباط ومصطفى بنعلي.
إلى جانب ذلك، تم الإعلان عن التحاق تيار أبو الغالي من حزب الأصالة والمعاصرة، وهو الأمر الذي يعزز من تنوع الكتل السياسية المتوافقة مع توجهات الحركة الشعبية. تيار أبو الغالي، الذي كان يختلف مع بعض توجهات الحزب السابق، يجد في حزب الحركة الشعبية منصة جديدة للتعبير عن رؤيته السياسية والعمل على تحقيق أهدافه في ظل بيئة حزبية جديدة.
وفي ظل هذه التطورات، أكد قيادي حركي بارز أن هذه الالتحاقات تعكس التحرك الثابت للحزب نحو الاستحقاقات الانتخابية القادمة في 2026. وأشار إلى أن الحزب، تحت قيادة محمد أوزين، أصبح يشكل نقطة جذب قوية للفاعلين السياسيين في مختلف الاتجاهات، مما يعكس جدية الحزب وطموحاته. وأوضح القيادي أن “السنبلة” أصبحت اليوم رمزًا للحركة السياسية الجادة التي تتطلع إلى تجاوز التحديات الحالية وتعزيز مكانتها في الساحة السياسية الوطنية.
ومن جهة أخرى، يشير البعض إلى أن التحاق خمس تيارات جديدة من أحزاب مختلفة بالحركة الشعبية قد يفتح الباب أمام “محج الغاضبين”، حيث يمكن أن يجذب الحزب مختلف الأطياف السياسية التي تشعر بالإحباط من وضعها في أحزابها الأصلية. في هذه الحالة، قد يصبح الحزب وجهة للأشخاص الذين يعانون من التهميش أو الذين لا يجدون مكانًا لهم في الهيئات الحزبية الحالية.
ومع هذه التوجهات الجديدة، يطرح البعض تساؤلات حول قدرة الحزب على إدارة هذه التكتلات السياسية المتنوعة دون أن تواجه الحركة الشعبية تحديات تنظيمية أو فكرية. ورغم أن أوزين يرفض أن تكون هذه التحولات مجرد “صفقات سياسية”، فإن التساؤلات تبقى قائمة حول مدى نجاح الحزب في إدارة هذه التنوعات دون أن تؤثر سلبًا على وحدته الداخلية.
هل ستنجح الحركة الشعبية في تحقيق أهدافها السياسية عبر هذه التحالفات؟ أم أنها ستصبح مجرد “محج للغاضبين” دون أن تخلق قوة سياسية حقيقية قادرة على التأثير في المستقبل؟ الوقت كفيل بالإجابة على هذه التساؤلات، لكن المؤكد هو أن الحركة الشعبية تقترب من أن تصبح واحدة من القوى السياسية التي لا يمكن تجاهلها في المشهد الحزبي المغربي.