أكد رشيد العلمي الطالبي في كلمته بالبرلمان اليوم ، خلال افتتاح الاجتماع الاستثنائي الثلاثين لمنتدى رؤساء المجالس التشريعية بأمريكا الوسطي والكاريبي والمكسيك في موضوع "مواجهة التحديات المشتركة : الأمن والسلم والتغيرات المناخية والتنمية الاقتصادية" ، انه رجل دولة بحق، وطاقة تواصلية قوية، له ثقافة سياسية متينة ، وحس سياسي رفيع.
تجلي ذلك في كلمته السابقة الذكر،كلمة كلها رسائل قوية الدلالة ذات مضامين محورية تشغل الرأي العام الدولي، لكونها ترتبط بإشكاليات ومعضلات كبرى تجثم اليوم على العلاقات الدولية، وتضغط بارتداداتها على الأوضاع الداخلية لغالبية البلدان، وخاصة بلدان الجنوب، ومنها بلداننا.
تعرض رشيد الطالبي رشيد في كلمته امام ضيوف البرلمان المغربي لقضايا دولية لها حساسية كبرى تهدد السلم والامن الدوليين، خصوصا بعد ان اصبح نظاما دوليا أحادي الجانب، أدخل العالم لمرحلة صعبة يهيمن فيها العنف والإرهاب، وتقوت فيها النزعات القُطرية، والانطوائية، والاختلالات الجيوسياسيا الدولية من قبيل الاختلالات المناخية وانعكاساتها على جودة الحياة، وعلى الاستقرار ومستوى العيش، والهجرات واللجوء بسبب النزاعات أو الظروف المناخية واتساع دائرة الارهاب،
وبمقاربة واضحة نبه الطالبي لمخاطر الإرهابُ على الاستقرارَ في أكثر من منطقة، وتأثيره على دعم النَّزعَات الانفصالية والطائفية مما يهدد أمن العديد من البلدان.
وبلغة الحكماء خاطب الطالبي الحاضرين انه اصبح من الواجب علينا جميعا- إزاءَ هذه التموجات العنيفة أحيانا والصامتة في أحيان أخرى-، ان نتحد ونشكل جبهة واحدة تعلو على خطاب الحرب والعنف.
مؤكدا على ان بلدان الجنوب مؤهلة بان تقوم بأدوار ريادية في إعادة التوازنات للعلاقات الدولية في نظام دولي مختل بحاجة للإنصات لصوت هذه الدول التي تشكل قوة اليوم بثقلها الثقافي والسكاني والجغرافي والاقتصادي والجيو- سياسي .
في هذا الصدد،قال الطالبي:’’ أود أن أتقاسم معكم بعض عناصر هذا النقاش، أولا كمغربي، وثانيا كإفريقي مقتنع بإمكانيات قارته، ومتشبع بحقوق بلدان جنوبنا الذي له الحق في التمتع بثرواته واتخاذ قراراته السيادية وفق ما تمليه عليه مصالح شعوبه :
- يتعلق الأمر الأول، بحقيقة أن بلدان الجنوب عامة، وإفريقيا وأمريكا اللاتينية بالتحديد تتوفر على إمكانيات هائلة ينبغي استغلالها وتحويلها إلى ثروات لفائدة التنمية الاقتصادية والاجتماعية لشعوبها.
فهذان المجالان الجغرافيان (إفريقيا وأمريكا اللاتينية) يتوفران على أكثر من 70% من الأراضي القابلة للزراعة في العالم، لا يستغل منها سوى نسبة ضعيفة. وأنتم تعرفون، الزميلات والزملاء، الرهانات الكبرى للأمن الغذائي عبر العالم، في سياق الأزمات الحالية كما في المستقبل.
- يتعلق الأمر الثاني بالثروات البشرية التي نتوفر عليها، إذ إن النسبة الأكبر من سكان بلداننا هي من الشباب المحتاج إلى التعليم والتكوين والإدماج ليكون في صلب التنمية الشاملة محركا لعجلة الاقتصاد والخدمات، إنتاجا واستهلاكا.
- يتعلق الأمر ثالثا بالثروات البحرية التي تتوفر عليها بلدان أمريكا اللاتينية وإفريقيا، فكلتا القارتين محاطة بمحيطين وبحرين، مع كل ما يوفره هذا المجال البحري من إمكانيات لتطوير اقتصاد البحر من قبيل السياحة الشاطئية والصيد، وما يختزنه العمق البحري من ثروات معدنية محتملة وثروات سمكية هائلة، وما تلعبه البحار من أدوار حاسمة في التجارة والمبادلات والتموقع الاستراتيجي.
- يتعلق الأمر في المقام الرابع بإمكانيات بلداننا في إنتاج الطاقة الخضراء، طاقةِ المستقبل، التي تعتبر رهانا عالميا في سياق الاختلالات المناخية.’’
انها أمور تشكل- بالفعل- اهم القضايا المشتركة بين دول الجنوب ، وفي نفس الوقت اهم تحديات حاضر ومستقبل شعوبها والتي ينبغي تحويلها إلى فرص للتنمية والنهضة.
وفي نفس السياق نبه الطالبي الي ظاهرة الهجرة ومخاطرها ،لكن من مقاربة ذكية هي سؤال العلاقة بين الهجرة والتنمية والتضامن الدولي.
وبلغة التفاؤل والصراحة ، أكد الطالبي انه بإمكان بلدان أمريكا الوسطى والكراييب والمكسيك والمغرب أن تضطلع، بحكم مواقعها الجغرافية وإمكانياتها وثقافتها بدور أساسي في رفع هذه التحديات، مع الحرص على ترسيخ الديموقراطية والبناء المؤسساتي بشكل إرادي وفق تقاليدها المؤسساتية الوطنية.
مؤكدا ان المملكة المغربية توفر فرصا تاريخية للتعاون وتطوير المبادلات وتوطين الاستثمارات، بفعل موقعها على المحيط الأطلسي وقربه من أوروبا وتَرَسُّخِهِ في عمقه الإفريقي والمتوسطي.
ومشددا على ان المملكة ستوفر أكثر، كل البنيات التحتية الاساسية لتشكل رافعات للمبادلات والتعاون من قبيل موانئه على البحر الأبيض المتوسط وعلى المحيط الأطلسي، ومن بينها موانئ الدارالبيضاء، وطنجة المتوسط، والناظور غرب المتوسط، وميناء الداخلة في الأقاليم الجنوبية المغربية والذي سيشكل منصة وقاعدة دولية للمبادلات بين قارات إفريقيا وأمريكا وأوروبا ومع باقي بلدان العالم.
مذكرا في نفس الوقت ان كل المشاريع الكبرى والهيكلية التي ينجزها المغرب في أقاليمه الجنوبية، بالخصوص، فرصا ثمينة لإعطاء دينامية جديدة للتعاون والمبادلات مع أشقائنا في إفريقيا، وفق ابعادالمبادرة الأطلسية الاستراتيجية التي أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس بشأن تيسير ولوج بلدان الساحل الإفريقي التي لا تتوفر على منافذ إلى البحر للوصول إلى المحيط الأطلسي، والتي ستطلق ديناميات كبرى في إنجاز التجهيزات الأساسية الطرقية، والسككية، والمينائية، وفي تبادل البضائع، وتنقل الأشخاص وفي البنيات الفوقية بما في ذلك التكنولوجيا الرقمية.
وفي ختام كلمته شدد الطالبي على المشترك القيمي بين دول رؤساء المجالس التشريعية بأمريكا الوسطي والكاريبي والمكسيك ليكون حافزا بان تتحول هذه البلدان لقوة مؤثرة في العالم لإعادة الروح والقيم الإنسانية اليه، وفق اسس القانون الدولي واحترام سيادة الدول ووحدتها والتعاون والالتزام في ما بينها.
كلمة الطالبي رئيس مجلس النواب رؤساء المجالس التشريعية لدول أمريكا الوسطي والكاريبي والمكسيككانت كلها رسائل عميقة الدلالة لتقوية التعاون والشراكة والضامن بين هذه الدول ، لكون هذه القيم هي استثمار من أجل حاضرها ومستقبلها، طالما أن استقرار العالم من استقرار هذه الدول.