اصدرت وزارة الخارجية الامريكية تقريرا اسود حول ممارسات حقوق الانسان في المغرب،وذلك تزامنا مع زيارة العمل التي يقوم بها ناصر بوريطة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، أمس الاثنين، والتي تندرج في إطار المشاورات الدائمة الهادفة إلى تعزيز الشراكة الاستراتيجية التي تربط المغرب بالولايات المتحدة، والتشاور بشأن مختلف القضايا الإقليمية والدولية.
وتساءل مراقبون عن خلفية توقيت نشر التقرير في هذا الوقت بالضبط،وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إن أوضاع السجون في المغرب تحسنت خلال عام 2022، لكنها في بعض الحالات لم تستوف المعايير الدولية، حيث كانت الظروف في بعض السجون قاسية ومهددة للحياة بسبب الاكتضاض.
وجاء في أحدث تقرير لها حول ممارسات حقوق الإنسان، أنه حتى نهاية نونبر الماضي، تجاوز عدد نزلاء السجون في السجون البالغ عددها 75 سجناً في البلاد 175 في المائة من طاقتها الاستيعابية.
ووفقا لمصادر حكومية ومنظمات غير حكومية، استند عليها تقرير الخارجية الأمريكية، فإن اكتظاظ السجون يرجع في جزء كبير منه إلى عدم الاستفادة من نظام الإفراج بكفالة أو الإفراج المؤقت، والتراكم الشديد في القضايا، والافتقار إلى السلطة التقديرية القضائية لتقليص مدة عقوبات السجن على جرائم معينة.
فيما يخص التعذيب وغيره من أشكال المعاملة القاسية أو المهينة، يقول التقرير الأميركي إن الدستور والقانون المغربيين يحظران مثل هذه الممارسات، لكن وردت تقارير موثوقة تفيد بأن المسؤولين الحكوميين استخدموها، بحسب ما جاء في تقرير الخارجية الأمريكية فإن المؤسسات الحكومية والمنظمات غير الحكومية واصلت الإبلاغ عن سواء معاملة الأفراد في الحجز الرسمي.
وأشار التقرير إلى أن النيابة العامة تلقت سبع شكاوى تتضمن مزاعم بالتعذيب بين يناير وسبتمبر 2022 وبحلول نهاية العام، كانت هناك شكوى واحدة في مرحلة الاكتشاف وجمع الأدلة، وكانت خمس حالات قيد التحقيق، وتم إغلاق شكوى واحدة.
وبحسب الحكومة، قامت النيابة العامة خلال العام الماضي بمحاكمة تسعة من ضباط الشرطة بتهمة استخدام العنف، وكانوا ينتظرون الحكم في قضاياهم، حيث تم التحقيق مع ثلاثة من ضباط الشرطة بسبب الاستخدام المفرط للقوة ضد أحد المعتقلين ومن ثم وضعوا في وضع إجازة إدارية، كما خضع ثلاثة ضباط شرطة آخرين للتحقيق الإداري بتهمة إساءة معاملة المعتقلين، ولم تقدم الحكومة أي تفاصيل إضافية عن هذه الحالات.
واستدركت الخارجية الأمريكية أن “التحقيقات في انتهاكات الشرطة وقوات الأمن ومراكز الاحتجاز تفتقر إلى الشفافية وكثيراً ما واجهت تأخيرات طويلة وعقبات إجرائية ساهمت في الإفلات من العقاب.”
وفي فقرة الاعتقال التعسفي، أشار التقرير إلى أن قوات الأمن في كثير من الأحيان تعتقل مجموعات من الأفراد لأسباب مختلفة، وتقتادهم إلى مركز للشرطة، وتستجوبهم لعدة ساعات، قبل أن تفرج عنهم دون توجيه تهم إليهم.
ويؤكد التقرير أنه بموجب القانون الجنائي المغربي، فإن أي موظف عمومي يأمر باحتجاز تعسفي يمكن أن يُعاقب بخفض رتبته ، وإذا تم ذلك لمصلحة خاصة، فإنه يُعاقب بالسجن لمدة 10 سنوات إلى مدى الحياة.
ووفقا للتقرير، أكد النشطاء أن الحكومة نفذت اعتقالات تعسفية مرتبطة بإنفاذ بروتوكول الطوارئ الصحية بسبب قيود كوفيد 19، لكن لم يتم التحقيق مع أي مسؤول أمني على هذا الأساس، ولم يكن هناك تقرير رسمي عن تطبيق هذه الأحكام خلال السنة الماضية، وفق ما داء في نفس التقرير.
وأكدت تقرير الخارجية الأمريكية حول “ممارسات حقوق الإنسان لعام 2022” أن الصحافة في المغرب تمتعت بدرجة كبيرة من الحرية عند كتابة التقارير عن السياسات الاقتصادية والاجتماعية، لكن السلطات استخدمت مجموعة من الآليات المالية والقانونية لمعاقبة الصحفيين الناقدين.
وأفادت الحكومة المغربية بأنها حاكمت 631 شخصا في المحاكم الجنائية بسبب تصريحات أدلى بها أو أعلن عنها أو نُشرت، بما في ذلك 32 قضية جنائية ضد صحفيين. كما أفادت الحكومة أنها أوقفت خلال العام ست صحف إلكترونية لما قالت إنه عدم امتثالها لقانون الصحافة والنشر.
وقال التقرير، وفق إفادة الصحفيين، إن الملاحقات القضائية الانتقائية كانت بمثابة آلية للترهيب. كما قدم تقرير لهيومان رايتس ووتش في يوليو الماضي تفاصيل مضايقات مستمرة للصحفيين، بما في ذلك عمر الراضي، الذي تم اعتقاله وإدانته في عام 2021 بتهمة التجسس والاغتصاب. وأفادت مؤسسة كلوني للعدالة أن المحاكمة “حملت بصمات عملية غير عادلة، حيث حرمت المحكمة الراضي من فرصة تقديم أدلة في دفاعه دون مبرر”. ثم في 3 مارس، رفضت محكمة الاستئناف بالدار البيضاء استئناف الراضي للحكم الصادر عليه بالسجن 6 سنوات.
وبشأن بطائق الصحافة والاعتماد، ذكر التقرير أن الصحفيين استنكروا عدة مرات الإجراءات الإدارية المرهقة وفترات الانتظار الطويلة للحصول على الاعتماد بموجب قانون الصحافة، كما ادعى البعض أن الصحفيين من المنابر الموالية للحكومة يتلقون أوراق اعتماد أسرع من الصحفيين من المنابر المستقلة، وأشاروا إلى أن الصحفيين الذين ينتظرون أوراق اعتماد يجب أن يعملوا في وضع قانوني غامض، دون حماية قانون الصحافة المتاح فقط للصحفيين المعتمدين.
وأكد التقرير أن الرقابة الذاتية والقيود الحكومية على الموضوعات الحساسةظلت عقبات خطيرة أمام تطوير صحافة استقصائية حرة ومستقلة. موضحا أن المنشورات ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة تتطلب اعتمادا من الحكومة، التي يجوز لها رفض الاعتماد وإلغائه وكذلك تعليق أو مصادرة المنشورات التي تنتهك النظام العام أو تنتقد الإسلام أو المؤسسة الملكية أو مواقف الحكومة بشأن الوحدة الترابية.
في حين أن الحكومة نادرا ما تفرض رقابة على الصحافة المحلية، إلا أنها مارست ضغوطا من خلال التحذيرات الكتابية والشفوية ومن خلال متابعة القضايا القانونية التي أدت إلى فرض غرامات باهظة وإيقاف النشر، يشير التقرير إلى مثل هذه الحالات شجعت المحررين والصحفيين على فرض الرقابة الذاتية واستضافة مواقع إخبارية معارضة على خوادم خارج البلاد لتجنب إغلاقها من قبل السلطات.
وأفادت الخارجية الأمريكية أن قانون مكافحة الإرهاب يجيز باعتقال الأفراد، بمن فيهم الصحفيون، وحجب المواقع التي يُعتقد أنها “تخل بالنظام العام عن طريق الترهيب أو الإرهاب أو العنف”. كما يفرض القانون المسؤولية القانونية على المؤلف وأي شخص يساعد المؤلف بأي شكل من الأشكال في نشر المعلومات التي تعتبرها الحكومة مبررًا لأعمال الإرهاب، والتي قد تشمل مالكي مواقع الويب ومقدمي خدمات الإنترنت. ويستدرك التقرير أنه “على الرغم من أن الغرض المعلن من القانون هو مكافحة الإرهاب، إلا أن السلطات تحتفظ بالسلطة التقديرية لتعريف مصطلحات مثل “الأمن القومي” و “النظام العام”.
وفي فقرة حرية التجمع السلمي، أكد التقرير أن القانون المغربي يضمن هذا الحق ولكن وفق شروط محددة، حيث تلتزم الجماعات التي يزيد عدد أفرادها عن ثلاثة أشخاص بالحصول على إذن من وزارة الداخلية للاحتجاج علنا، ومع ذلك سمحت الحكومة بشكل عام بحدوث مظاهرات سلمية مرخصة وأخرى غير مصرح بها.
وذكر التقرير، بينما استمرت معظم الاحتجاجات بشكل سلمي، اندلع العنف في عدة مناسبات بين المتظاهرين والشرطة، حيث أنه في 2 مارس، تظاهر مئات الأساتذة في الرباط ضد العقود المؤقتة، وأفادت وسائل إعلام محلية أن الاحتجاجات تحولت إلى اشتباكات مع الشرطة الذين تم إرسالهم لتفريق المتظاهرين.
واشتكت العديد من المنظمات غير الحكومية من أن الحكومة استخدمت التأخيرات الإدارية وأساليب أخرى لقمع أو تثبيط التجمع السلمي غير المرغوب فيه. تدخلت قوات الأمن في بعض الأحيان لتفكيك الاحتجاجات المصرح بها وغير المصرح بها عندما اعتبر المسؤولون أن المظاهرة تشكل تهديدا للأمن العام.
وأفاد التقرير أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان نظم تدريبا على الأساليب القائمة على حقوق الإنسان لإدارة الحشود على مدار العام؛ حيث طُلب من الضباط توجيه ثلاثة تحذيرات للحشد بأن القوة ستستخدم إذا لم يتفرقوا، حيث ستحاول قوات الأمن بعد ذلك إجبار المتظاهرين على مغادرة المنطقة، باستخدام دروع مكافحة الشغب لدفع المتظاهرين الواقفين إلى منطقة محددة أو نقل المتظاهرين الجالسين إلى المنطقة المحددة.
وبحسب الحكومة، إذا تدخل الضباط في احتجاج، يجب على ضابط الشرطة العدلية غير المتورط في التدخل وتحت إشراف النائب العام تقديم بيان يوثق فيه ملابسات القضية وعدد الضحايا والأضرار المادية المترتبة على ذلك. للعملية. يجب على ضابط الشرطة القضائية أن يوجه البيان إلى مكتب المدعي العام مع نسخة إلى حاكم الولاية القضائية الإقليمية حيث وقع الحادث.