دخلت حكومة عزيز أخنوش يومها العاشر في عطلتها السنوية والتي قد تدوم لمنتصف شهر غشت الجاري، موقفة بذلك كل أنشطتها وإجتماعاتها في ظل أصعب الأزمات التي تمر منها المملكة من أوضاع اقتصادية "حرجة" مرتبطة بالجفاف وغلاء الأسعار والحرائق.
وفي الوقت الذي قرر فيه الوزراء أن يخلدوا للراحة، لم يستسغ قطاع كبير من المغاربة أن يغادر أصحاب القرار مناصبهم في عز الأزمة الخانقة التي تعرفها البلاد وفي ظرفية إعلان حالة الطوارئ بسبب وباء كوفيد-19، معتبرين أنه "قرار غير مسؤول" ولا يعكس الظروف الإقتصادية والإجتماعية.
وتعد العطلة الحكومية "عرفا سياسيا" بغياب سند قانوني مؤسس، إذ ينص القانون التنظيمي لتنظيم وتسيير أشغال الحكومة والوضع القانوني لأعضائها، في المادة 14 بعقد المجلس الحكومي اجتماعه مرة واحدة في الأسبوع وقد تم تحديد بموجبه يوم الخميس لانعقاد المجلس.
وتنص المادة السالفة الذكر، على أنه “يعقد مجلس الحكومة اجتماعاته مرة في الأسبوع على الأقل، إلا إذا حال مانع من ذلك، وإذا حال مانع دون حضور من أعضاء الحكومة اجتماعا من اجتماعات المجلس لأي سبب من الأسباب، وجب عليه إحاطة رئاسة الحكومة علما قبل انعقاد الاجتماع”.
وكانت الحكومة قد عقدت آخر مجلس وزاري في 27 يوليوز الماضي، بتقنية التواصل المرئي، ولم تكشف عن أي توضيحات بخصوص "الكونجي"، وهو ما يطرح إشكالا يتعلق بالسند القانوني الذي تعتمد عليه الحكومة للاستفادة من هذه العطلة التي تمتد لـ15 يوما.
القانون التنظيمي لتسيير أشغال الحكومة وكما جاء، اكتفى فقط بالحديث عن إمكانية رئيس الحكومة تكليف أعضاء الحكومة بالنيابة عن زملائهم في حال وجود مانع حال دون مزاولتهم مهامهم، مع إمكانية أن يقترح رئيس الحكومة على الملك تكليف عضو من أعضاء الحكومة للنيابة عنه في غيابه، لمدة معينة ولممارسة مهام محددة.
وكان سعد الذين العثماني رئيس الحكومة السابق، قد قرر إلغاء العطلة الصيفية للوزراء بعد خطاب الملك محمد السادس، بمناسبة عيد العرش لسنة 2017، والذي أعلن فيه عن عدم الترخيص لبعضهم من الاستفادة من العطلة السنوية حتى "ينكبوا على متابعة مشاريع"حيوية".
وكما هو معهود في الأنظمة الديموقراطية أنه لا يحق للوزاراء والرؤساء الإستفادة من "الإجازة الصيفية" والبلاد قابعة تحت أزمة، كما هو الحال في سنة 2019 حين قرر الرئيس الفرنسي ماكرون إنهاء إجازته والعودة إلى مكتبه لمحاولة السيطرة وتهدئة الأوضاع التي أججتها احتجاجات "السترات الصفراء"، وكذلك عندما قطع رئيس وزراء أستراليا سكوت موريسون أجازته مع تواصل انتشار الحرائق في أجزاء واسعة من بلاده.
وبالنسبة للمغرب فإنه يعرف خلال هاته الفترة بالضبط، جملة من المشاكل المرتبطة بجميع القطاعات خاصة مع موجات الغلاء وارتفاع الأسعار ونذرة الماء التي أضحت تهدد البلاد، كما تكثر فيها المشاريع الأمر الذي يتطلب فيه الإشتغال المستمر والواقع أن أغلب مسؤوليها ووزراءها في عطل استثنائية لمدة أسبوعين.
على كل ، الوضع العام بالبلاد ليس علي احسن ما يرام ، والاوضاع الاقتصادية والاجتماعية تتأزم: غلاء ، جفاف، وباء، وجل الوزراء ذهبوا لقضاء عطلتهم ز وكأن الوضع العام بالبلاد عادي لكنهم عليهم ان يفهوا ان دخولا سياسيا ومدرسيا حارقا ينتظرهم. رئيس الحكومة واع بمخاطر هذا الدخول ، لذلك اشتغل في العطلة الى جانب عدد من الوزراء على اعداد مشروع قانون مالية 2023 مركزا فيه على البعد الاجتماعي والعدالة الاجتماعية وارساء اسس الدولة الاجتماعية، اهداف كبرى ونبيلة صعبة لكنها ليست بالمستحيلة
شريطة توفر حكومة اخنوش لتحقيق هذه الاهداف على وزراء محترفين وسياسيين حقيقيين، وليس على وزراء هواة تقنيين بدأوا مسارهم المهني والسياسي بمنصب وزير الذي هو في الانظمة الديمقراطية يكون
نهاية المسار وليس بدايته ، وعليه فمسالة التعديل الحكومي تبقى ضرورة ملحة اذا أراد اخنوش تحقيق اهدافه وتفعيل مضامين خطاب عيد العرش.