أوزين: بعض المحللين تناولوا "الهاشتاغ" بالتسرع والهرولة المحكومة بالإنبطاح

قال النائب البرلماني، محمد أوزين إنه "غريب كيف تناول بعض “المحللين” ظاهرة الهاشتاغ بطابع أغرب غلب عليه التسرع والهرولة المحكومة بالإنبطاح والموالاة بلبوس المسكنة والخنوع، وبذريعة الوطنية والإنتماء، ليغيب التوسل للأدوات العلمية العملية لملامسة جوانب الظاهرة بغية الخروج بقراءات رصينة لتمظهرات هذه التعبيرات، التي وإن قيل عنها أنها غير مأطرة بفعل عفويتها وإنسيابيتها وتماهيها مع موجات العالم الازرق، إلا انها تبقى جديرة بالدراسة والتحليل والتمحيص، عوض المقاربة السطحية المسخرة التي تروم الشيطنة والتبخيس".
وأضاف أوزين في مقال توصلت به "بلبريس"، أنه "لنعد إلى أولى مراحل ظهور الوسم على يد المصمم الأمريكي المختص في مواقع التواصل الإجتماعي كريس ميسينا نهاية 2007، حيث اقترح ميسينا، وهو مطور سابق في شركة غوغل، عبر تغريدة له، رمز المربع أو علامة الشباك (#)كعلامة للتصنيف والأرشفة بهدف توحيد وتجميع المواضيع والرسائل التي تكون لها وحدة الموضوع، لتيسير الوصول إلى الكلمة المرتبطة به والبحث عنه والتعبئة حوله، وهي الفكرة التي إنتشرت كالنار في الهشيم بعد الترحيب الذي لقيته من نشطاء مواقع التواصل الإجتماعي ليصبح أيقونة لدى رواد منصات العالم الإفتراضي".
وتابع القيادي الحركي "تم إعتماد الوسم رسميا من تويتر عام 2009، ليتم تسخيره لاحقا من قبل العديد من تطبيقات التواصل الإجتماعي بما في ذلك فيسبوك Facebook  وأنستغرام Instagram ولينكيد إن Linkedin وتيك توك Tik Tok وبينترست Pinterest وما شابه، بحيث اعتبر الوسم طريقة فريدة، للنشطاء والعلامات التجارية على حد سواء، لنشر الوعي حول موضوع معين أو الترويج لمنشوراتهم ومنتجاتهم أو حشد التأبيد لأطروحاتهم ومواقفهم من خلال سهولة الولوج والمشاركة والتوزيع والإعجاب".
وزاد أوزين "ونظرا للإستعمال الواسع الذي عرفه الوسم، فقد تم اعتماد وإضافة كلمة هاشتاغ إلى قاموس أكسفورد الإنجليزي ولاروس الصغير وروبير الصغير الفرنسيين عام 2014، وهي قواميس تعتبر من أهم مراجع لسان اللغتين الانجليزية والفرنسية تباعا".
وأبرز المتحدث ذاته أن "تسمية الهاشتاغ هي كلمة مركبة من الكلمتين الإنجليزيتين "هاش" وهي كلمة من أصل فرنسي "hacher” أي (فرم إلى قطع صغيرة) وتدل على وظيفة معلومياتية تعمل على تقليص النص بتحويله إلى مترابطات من الرموز. و"تاغ" التي تدل على العلامة. وبالتالي يمكن ترجمة الهاشتاغ إلى العربية، حتى يتسنى فهم المصطلح بجلاء، "بالعلامة المختصرة"، ولو أن هناك كلمة من أصل عربي "هاش القوم"، أي ثاروا وتحركوا، تفيد أيضا وصف بعض تمظهرات الهاشتاغ".
وأشار أوزير إلى أن "اليوم ما يفوق 170 مليون هاشتاغ يتم تداولها يوميا على المستوى العالمي، وهي ممارسة ساهمت في إيصال صوت التعبئة الجماعية في قضايا شغلت الرأي العام: وهنا يمكن الرجوع إلى الهاشتاغ الشهير "حياة السود مهمة" (black lives matter) الذي شاع بعد مقتل المواطن الامريكي ذي الأصول الأفريقية بأمريكا. وهاشتاغ "أعيدوا لنا بناتنا" (bring back   our girls)  بعد اختطاف 276 تلميذة بنيجيريا على يد متطرفين من تنظيم بوكو حرام سنة 2014، إلى غيرها من الأحداث الذي خلق فيها الهاشتاغ الحدث".
واسترسل قائلا "بعيدا عن المآسي يتحول الهاشتاغ أحيانا إلى فضاء للتسلية والترفيه كما عاينا جميعا وبصفة كونية "تحدي دلو الثلج" (ice bucket  challenge)  والذي تم بفضله جمع أكثر من مائة مليون دولار لمحاربة داء شاركو".
وخلص إلى أن هذه "التعبيرات المجتمعية تتماهى مع الثورة الرقمية حيث تتيسر التعبئة والمرافعة ولفت الانتباه إلى بعض الظواهر أو النواقص المجتمعية التي تكون مصدر إزعاج للجماهير، لما تسببه من أضرار بمصالحهم، حيث أصبح الهاشتاغ غرافيتي فوق حائط افتراضي وبمثابة إعلام بديل يمنح فرصة إيصال الصوت لمن لا منبر له".
أوزين قال إن "عوض الهرولة نحو الأحكام الجاهزة قبيل التكفير والتخوين والشيطنة، وجب تحليل الظاهرة لتحديد ماهية الوعي الذي يحركها والقيم التي تذكيها بغية بناء جسور الحوار والثقة بين هذه التعبيرات المجتمعية - رغم قلتها وحتى في حالة غياب الصواب في أطروحاتها- والمؤسسات القائمة، عوض تجاهلها والتنقيص من قيمتها والتمادي في تبخيسها".
وستطرد "فالشعارات تختلف ومسالك التعبير كذلك، لكن المطلب واحد. وقد واكبنا أشكالا تعبيرية لم تستوعب بالإنصات في البداية، فتحولت إلى انتفاضات شعبية خرجت عن السيطرة وشرعت الأبواب على المجهول، وهذا ما لا نرتضيه ولا نقبل أن نصبح عرضة له".
وشدد أوزين على "إنها رسائل جماهيرية تتوسل مطايا مختلفة تعكس نبض الشارع وحراك المجتمع من خلال الفن، ولنا إسوة في أغاني "الراب" الصاخبة و"الاندرغراوند" الثورية، وعبر الرياضة من خلال حناجر "الإلتراس" كأغنية "في بلادي ظلموني" التي تغنى بها مشجعو الرجاء البيضاوي والتي بلغت العالمية في تعبير صادح عن رفض شبابي للوضع الاقتصادي والاجتماعي، وأصبحت أيقونة التنديد بالأوضاع الإجتماعية".
وتابع المتحدث ذاته "فعوض الخرجات غير المحسوبة العواقب والمطبوعة بالرعونة لبعض الأبواق المسخرة والتي لا تأثير لها اللهم إذكاء الإستعداء في محاولة إستغباء ذكاء الجماهير، كان عليها ألا تفوت على نفسها فرصة الصمت وتستثمر، إن تأتى لها ذلك، في تقديم البديل عوض التبرير. فالهاشتاغ لا يجب أن يخيف المسؤول ولا حتى شعاره "إرحل". فمن هذا المسؤول الذي لم يشهر أمامه يوما؟ "إرحل" ليس تمردا وإنما تعبير شعبي عن رفض لواقع معاش. "إرحل" هو صوت أنين ومعاناة وضرر. "إرحل" هو تنديد وإستياء ومناجاة".
وختم أوزين كلامه قائلا "قال أحد الحكماء: لولا الصدمات لبقينا مخدوعين لمدّة أطول، هي قاسية لكنها صادقة. وعن الرحيل ساقت الحكمة قولا عن أسوأ الراحلين: إنسان يرحل عنك، ولم يرحل منك. إنه تجاذب أبدي بين الناخب والمنتخب يحكمه القانون الذي يجب أن تكون له سلطة على البشر لا أن يكون للبشر سلطة عليه. فالسلطة شبيهة بالرحى، فإن لامسها المرء بلطف صقلته، وإن هو على العكس ضغط عليها مزقته إرباً إربا. وهذا قول للمرحوم الحسن الثاني طيب الله ثراه".