الداكي: تدبير الاعتقال الاحتياطي يحظى ببالغ الاهتمام من لدن رئاسة النيابة العامة

قال الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، الحسن الداكي، خلال الندوة الجهوية الخامسة حول "ترشيد الاعتقال الاحتياطي "، بطنجة، إن "تدبير الاعتقال الاحتياطي يحظى ببالغ الاهتمام من لدن رئاسة النيابة العامة".

وأكد الداكي، على أن "استحضار العدد الكبير من الدوريات التي تم تخصيصها لقضاة النيابات العامة في هذا الموضوع يعكس الأهمية القصوى التي توليها هذه الرئاسة لحفظ وصيانة حرية الأفراد، وأكيد أنكم على وعي تام بجسامة مسؤوليتكم في تدبير الاعتقال الاحتياطي، وأهمية دوركم في ترشيده، باعتباركم المؤتمنين على حماية الحقوق والحريات الأساسية وفقا لما ينص عليه الفصل 117 من دستور المملكة".

واعتبر الداكي، أن "ترشيد الاعتقال الاحتياطي من المواضيع المدرجة في جدول أعمال معظم الاجتماعات واللقاءات التي تُعنى بتتبع تنفيذ السياسة الجنائية وتجويد أداء النيابة العامة، سواء تلك التي تعقد مع السادة المسؤولين القضائيين، أو مع باقي المتدخلين في حقل العدالة الجنائية بشكل عام. وطبيعي أن يحتل هذا الموضوع أهمية كبرى، خاصة وأنه يقع في خط التماس مع الحق في الحرية باعتباره من حقوقه الأساسية التي كرستها المواثيق الدولية والتشريعات الوطنية. وهنا تكمن جسامة المسؤولية، وتبرز قدرة المسؤول القضائي على التدبير الناجح والناجع من خلال الموازنة بين حماية الحق في الحرية، وضمان الحق في الأمن وضمان سلامة الأفراد والممتلكات. ولذلك، فإن حسن تدبير هذا الموضوع يشكل مرآة حقيقية لمدى احترام قواعد وشروط المحاكمة العادلة، وتفعيل قرينة البراءة التي تُعتبر حجر الزاوية في الأنظمة القضائية الحديثة، فأي إفراط أو سوء تقدير في إعمال سلطة الاعتقال، معناه انتهاك لحرية الإنسان وهدم لقرينة البراءة".

وشدد الداكي على أنه "سبق وأكدنا غير ما مرة لقضاة النيابة العامة أن إجراء المتابعة القضائية في حالة اعتقال يجب أن يتم في إطار ضيق يستحضر الطبيعة الاستثنائية لهذا التدبير. فلابد من الحرص على التأكد من توفر المبررات القانونية المحددة في المواد 47 و73 و74 من قانون المسطرة الجنائية، والتي تتمثل في حالة التلبس، وخطورة الفعل الجرمي، وانعدام ضمانات الحضور، وتوفر دلائل قوية على ارتكاب المشتبه فيه للجريمة".

وأضاف الداكي، أنه "بالرغم من الجهود المبذولة من قبل هذه الرئاسة منذ تأسيسها، والتي انعكست بشكل إيجابي على معدلات الاعتقال الاحتياطي، فإن انتشار وباء كوفيد 19 قد أثر سلباً على سير العدالة عموما، وعلى وتيرة البت في قضايا المعتقلين الاحتياطيين على وجه الخصوص. الأمر الذي يقتضي منا جميعا، قضاة الحكم والتحقيق والنيابة العامة وكذا جميع الفاعلين في حقل العدالة الجنائية، مضاعفة الجهود سواء عبر ترشيد اللجوء إلى الاعتقال عند تحريك المتابعات، أو من خلال الرفع من نجاعة الأداء عند البت في قضايا المعتقلين وإصدار الأحكام، والتسريع بإحالة ملفات المعتقلين الاحتياطيين المطعون فيها على المحكمة الأعلى درجة".

وأشار رئيس النيابة العامة، إلى أن "الجهود المبذولة حتى الآن مكنت من خفض نسبة الاعتقال الاحتياطي حاليا حيث بلغت في نهاية شهر نونبر 43% من مجموع الساكنة السجنية البالغة 89814 نزيلا، بعدما كانت في نهاية شهر شتنبر 45 ,25, ⁒ من مجموع الساكنة السجنية علما أن هذه النسبة تراوحت بين 44 ⁒ و45 ⁒ طول سنة 2021، آملين أن تستمر نسبة انخفاض المعتقلين احتياطيا في المنظور القريب بفضل تظافر جهود كافة المتدخلين في مجال العدالة المعنيين بالقضاء الزجري".

وقال الداكي، إن "هذه الدورة الجهوية الخامسة والأخيرة في هذه السلسلة التكوينية تشكل بالنسبة لنا جميعا فرصة من أجل تدارس وضع خطة عمل واضحة وفعالة في علاقتنا بتدبير الاعتقال الاحتياطي، كل من موقعه وحسب مسؤوليته، وذلك في إطار التفاعل الإيجابي مع الأهداف والغايات من هذه الدورات نظرا لما يُشكله قرار الاعتقال الاحتياطي من تأثير مصيري لدى فئات مهمة من أفراد المجتمع الذين يُتخذ في حقهم ، بحيث يمكن أن تُؤثر تبعاته على وضعياتهم الأسرية والاجتماعية والمهنية. مما يقتضي حرصا كبيرا من لدن القاضي الذي يقرر الاعتقال والمحكمة التي ستبت في وضعيته، الشيء الذي يتطلب معه الأمر التمعن والتأكد من وجاهته وشرعيته وملاءمته لنازلة الحالة المعروضة عليه".

وتابع المتحدث ذاته، قائلا "الجدير بالتذكير أن قواعد النجاعة وحسن الأداء تقتضي تتبعا وتقييما دوريين لمختلف القرارات المتخذة، وتأتي قرارات الاعتقال في مقدمة هذا التقييم، ذلك أن حوالي ألفي (2000) معتقل انتهت قضاياهم بالبراءة أو عدم المتابعة خلال سنة 2020. الأمر الذي يسائلنا حول جدوى الاعتقال في مثل هذه الحالات".

وأبرز الداكي أنه "إذا كانت التطورات التي تعرفها القضايا خلال مرحلة المحاكمة تكون السبب الرئيسي في معظم هذه الأحكام، فأكيد أن مسؤوليتنا مع ذلك تبقى حاضرة خاصة عندما يتعلق الأمر بمساطر مرجعية أو ادعاءات لا تعضدها وسائل الاثبات الكافية".


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.