أية تنمية اقتصادية في المغرب ما بعد كورونا ؟

لا شك في أن التداعيات السلبية لجائحة كورونا أرخت بظلالها على التنمية الاقتصادية المغربية والتي تأثرت شأنها في ذلك شأن اقتصادات جميع الدول التي عرفت تفشي الوباء رغم التدابير الاحترازية الاستباقية التي فعلتها الدولة المغربية للتصدي لانتشار كوفيد19 ومنها دخول البلاد في حجر صحي اضطراري..
و استعدادا للرفع التدريجي للحجر الصحي والذي اتخذت الحكومة القرار في شأن رفعه في العاشر من يونيو 2020 ، لا بد من طرح التساؤل التالي :أية تنمية اقتصادية في المغرب ما بعد كورونا ؟
سؤال نقلناه إلى الدكتور "عباس الوردي " أستاذ علم السياسة بجامعة محمد الخامس بالرباط الذي يرى أنه من الأفيد القيام بمجموعة من الإجراءات المراكبة والتي ستخدم لا محالة التنمية المستقبلية المغربية لما بعد كورونا مع ضمان سلامة وصحة المواطنات والمواطنين وضمان عدم تفشي العدوى ..ففي ما يخص التدابير التي من الواجب على الحكومة المغربية اتخاذها في الجانب الاقتصادي وفي ظل ما يتم الترويج له في العالم من احتمال عودة موجة ثانية من فيروس كورونا ، يشدد متحدثنا على أن المغرب مطالب ابتداء من الآن ببذل مجهود مضاعف لضمان صيرورة التنمية الاقتصادية الوطنية المغربية لضمان صحة الاقتصاد وتعافيه لما بعد كورونا وذلك مرتبط بضرورة تفعيل الدلائل المرجعية التي أعدتها مجموعة من القطاعات الحكومية وتتبع مجموعة من الإحصاءات التي أشرت عليها المنذوبية السامية للتخطيط في هذا الباب ، وكذلك التفاعل مع التطورات القيمية والإحصائية التي تصدرها مجموعة من المؤسسات الدولية وعلى رأسها منظمة الصحة العالمية ..وعلى أساس ذلك ، يستطرد الدكتور عباس الوردي ، يمكن القول على أن الحكومة المغربية وبالرغم من إعدادها لتلك الدلائل يجب عليها أن تقوم بتنصيب لجان للمراقبة ولا تقتصر على السلطة المحلية في القيام بهذه المهمة بل تعتمد على لجان للمراقبة متعددة الأطراف وتتدخل فيها إلى جانب السلطة المحلية كل القطاعات المعنية كل حسب اختصاصه من أجل تتبع ومواكبة ومراقبة مدى احترام الفاعلين الاقتصاديين من شركات وكذا مؤسسات مشغلة للتدابير الاحترازية من أجل حماية المواطن والوطن بشكل عام من عودة تفشي هذا الداء الفتاك ..من جهة أخرى ،أوضح متحدثنا أن هذا الانفتاح الجديد في ظل التخفيف المتدرج للحجر الصحي وخاصة من الناحية الاقتصادية يجب أن تواكبه مجموعة من الضمانات التي من الضروري أن تمنح للأجير وللمشغل ومن بينها التخفيض على القيمة المضافة على اعتبار أن المطالب بتأدية هذه الضريبة أصبح مثقل الكاهل في هذه الظرفية الحرجة وكذا تخفيف الضرائب على الدخل والتي يجب أن تأخذه الحكومة بعين الاعتبار في إعدادها لمشروع قانون المالية التعديلي كخطوة تحفيزية لضمان الرفع من نسبة الاستهلاك المحلي والداخلي وكذلك إقبال المغاربة على استهلاك المنتوج المغربي مئة بالمئة ضمانا لحماية الناتج الداخلي الخام والإجمالي ..ومن النقط التي يجب أن تأخذها الحكومة بعين الاعتبار إعادة النظر في نسب الفائدة التي يتم إعمالها في ما يتعلق بالقروض وهي النسب التي لازالت مستقرة رغم الظرفية الحرجة التي يمر منها المقترض والتي ( النسب) يجب أن تخضع للتخفيض وأن تلعب على الأساس الكمي وليس النوعي لترفع من وتيرة إقبال المستهلك والمقاولات بجميع أصنافها على المنتوجات البنكية من أجل ضمان انخراط الجميع في إعادة هيكلة الاقتصاد المغربي لما بعد كورونا ..وفي ما يخص المقاولات الصغرى والمتوسطة التي تعد من أكبر المتضررين من الجائحة ، استشهد الدكتور الوردي بالتحفيز الذي أعلن عنه جلالة الملك في شأن أجندة النهوض بهذه المقاولات الصغرى والمتوسطة والحرص على تنزيل تلك القروض البنكية المبنية على دراسة مشاريع مسبقة من أجل تعافي مواكب جماعي ومشترك لجميع الفاعلين في بناء الاقتصاد المغربي لما بعد جائحة كورونا ..
وفيما يتعلق باحتمال عودة موجة ثانية من الفيروس من عدمها في ظل التكهنات التي تصدرها بين الفينة والأخرى بعض الدراسات الدولية ، يظن الدكتور عباس الوردي على أن الحديث عن هذه الموجة هو سابق لأوانه في واقع الانخفاض المتتالي لهذا الفيروس خاصة في البؤر التي شهدت ارتفاعا للإصابة به خاصة في دول أوربا الغربية وأمريكا والتي عرفت تطورا سريعا لهذه الجائحة ليخلص إلى أن هذه التنبؤات بالرغم من اعتمادها على الفرضية لا يجب أن نسقطها من بالنا وأن نأخذها بعين الاعتبار فيما يخص احترام التدابير والإجراءات الاحترازية في جميع القطاعات كانت عمومية أو شبه عمومية أو خاصة وفيما يتعلق بحركة جولان وسير المواطنين وخاصة في الفضاءات العمومية وغيرها..