هل ستشهد المظاهرات الشعبية في الجزائر انخفاضا في حدتها وكثافتها؟ وهل سيضع شهر رمضان حدا للحراك الشعبي كما تتمنى السلطات الجزائرية؟ أسئلة تداولها الجزائريون مع بدء اليوم الأول لشهر رمضان الاثنين في معظم الدول الإسلامية والعربية.
بعض الجمعيات بدأت تفكر في الطريقة المثلى التي يمكن من خلالها تمديد عمر الحراك الشعبي لغاية تلبية مطالب الشعب التي تكمن غالبيتها في رحيل كل رموز النظام والدخول في مرحلة جديدة تؤدي إلى ولادة جمهورية جزائرية ثانية.
"تجمع الشباب الجزائري" (المعروف بتسمية راج بالفرنسية) اقترح أساليب جديدة للتظاهر لإبقاء فتيل الاحتجاجات مشتعلا خلال شهر الصيام. ويرى رئيسها عبد الوهاب فرساوي أن الحراك الشعبي لن يضعف ولن يتوقف. بل سيزداد كثافة ووتيرة.
وقال في حوار مع موقع "كل شيء عن الجزائر": "بالنسبة لي لن يكون هناك إضعاف للحراك ولا توقف. الشعب لن يعود إلى منزله بحجة أننا في شهر رمضان". وواصل: "المظاهرات ستستمر ولكن بطرق أخرى، مثل تنظيم عمليات إفطار جماعية في الشوارع والأحياء ومسيرات وتجمعات ليلية بعد الإفطار".
وأردف فرساوي عبد الوهاب: "شهر رمضان هو فرصة لفتح النقاش حول مفهوم الجمهورية الجديدة التي يريد أن يبنيها الشعب الجزائري. فلن يكون هناك تراجع للحراك أو توقف".
وفي سؤال هل تتوقعون تنظيم مسيرات ليلية خلال شهر رمضان، أجاب فرساوي بأن عددا كبيرا من المظاهرات سيتم تنظيمها ليلا خلال هذا الشهر"، مشيرا "الشعب الجزائري سيحتل الساحات العامة بشكل حضاري ومدني وينظم نقاشات وحوارات تهدف إلى إعادة الاعتبار للسياسة".
وشرع بعض الناشطين في الجمعيات بالجزائر العاصمة في التفكير في حلول جديدة لإبقاء التعبئة الشعبية في شهر رمضان كما هي حاليا.
ففي حوار صحفي، قال عبد النور باكور وهو ناشط في جمعية بنفس المدينة: "لغاية الآن لم نتفق على صيغة جديدة للمظاهرات. قررنا مع ممثلين آخرين في أحياء الجزائر العاصمة إبقاء موعد مظاهرة الجمعة المقبل بنفس التوقيت وسنرى بعد ذلك نسبة الإقبال".
وواصل: "إذا لاحظنا أن عدد المتظاهرين تراجع بشكل لافت مقارنة بالمظاهرات السابقة، سنشرع في تنظيم عمليات إفطار جماعية في أحياء العاصمة وندوات ليلية في الساحات العامة"، طالبا من سكان المدن الأخرى إلى القيام بنفس الشيء.
ودعا عبد النور باكور إلى "عدم ربط نجاح أو فشل المظاهرات بعدد المشاركين فيها، بل بالنقاشات والحوارات التي يمكن أن تنظم وبالمستوى العالي والراقي للمتظاهرين وقدرتهم على فهم رهانات وتحديات الفترة التي تمر بها الجزائر".
وإلى ذلك، أكد حسني عبيدي المحلل السياسي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن مظاهرة الجمعة السابقة كانت بمثابة اختبار حول إمكانية الحراك الشعبي لمواصلة أم لا التعبئة خلال شهر رمضان وقدرته على احتلال المواقع العامة رغم المشاكل الأمنية التي يمكن أن تطرح خلال الليل.
من ناحيته، أكد عبد الكريم بودراع، الناطق الرسمي لتجمع "نبني" وهو تجمع يقترح حلولا سياسية واجتماعية ويقوم بتحليل الأوضاع في الجزائر، أن المظاهرات ستستمر خلال شهر رمضان لأن الشعب لا يمكن أن "يتراجع إلى الوراء" حسب تصريح لموقع "كل شيء عن الجزائر".
وأضاف: "لدينا معلومات أن جمعيات ومنظمات جزائرية ستنظم وستشارك في مسيرات شعبية يوم الجمعة المقبل. ربما طريقة التنظيم ستختلف مقارنة بالمظاهرات السابقة، لكن هناك تأكيد بأن هناك جزائريون سيخرجون إلى الشارع للقول لا للنظام الجزائري الحالي". وأنهى: "الجزائريون أكدوا أنهم ضد العنف واختاروا الطريقة السلمية، بالتالي سيخرجون إلى الشوارع للتظاهر لأن هذه هي الطريقة التي اختاروها للتعبير عن مواقفهم".
وتوقع ناصر جابي أستاذ في علم الاجتماع السياسي أن تستمر الاحتجاجات والتجمعات خلال الليل بمدن الجزائر خاصة بعد خطاب بن صالح "المستفز" حسب تعبيره.
وقال في تصريح صحفي: "السهرات في الجزائر خلال شهر رمضان تشبه عادة المسيرات بسبب كثرة الناس في الشوارع. لذا نتوقع أن تكون هناك مظاهرات بعد صلاة العشاء"،. وأضاف: "الجزائريون سينظمون أنفسهم وسيطلقون حوارات ونقاشات في أماكن آمنة تتوفر على الإضاءة. فهم يريدون حل مشاكلهم لأن لغاية الآن لم يتوصلوا إلى مبتغاهم الأساسي، وهو تنحية النظام".
هذا، وفي خطابه الأحد، تمنى الرئيس الانتقالي عبد القادر صالح رمضانا كريما للجزائريين فيما دعاهم إلى التصويت خلال الانتخابات الرئاسية المقررة في 4 يوليوز المقبل لتغيير الوضع.