يصوم المسلمون شهر رمضان من كل سنة في جميع بقاع العالم، الا ان عادات و تقاليد هذا الشهر الكريم تختلف من شعب لآخر ، فلكل مجتمع طقوس تميزه ويشتهر بها، فكيف يصوم الموريتانيون الشهر الأبرك؟.
حبات تمر وماء أو حساء هذه هي وجبة السحور التي يستهل بها الموريتانيون رمضان , فاللصوم مكانة كبيرة في نفوس الموريتانيين الذين يحرصون كل الحرص على هذه الفريضة، سواء الذين يعيشون بالأماكن الحارة جدا ، أو الذين يمارسون الأعمال الشاقة من رعي وسقي وتجارة وغيرها، و لا يتم التسامح مع المفطرين ولايتقبلهم المجتمع إلا إذا كانت أعذارهم شرعية بينة .
وعن العادات الغدائية في رمضان، تقول خديجة لولاد مامون (38سنة) أن الإفطار ينقسم إلى ثلاثة أقسام موزعة على ثلات فترات، الأولى الفطور وفي الغالب يكون عبارة عن وجبة ( النشا )، و هي حساء مصنوع من الدقيق الممزوج بالماء المغلي حتى يكون متماسك وسائل في نفس الوقت، البعض يحط فيه حليب والبعض سكر ثم التمر الجاف، ويفضل نوع خاص منه برمضان، ينقغ هذا التمر في بداية اليوم حتى يكون وقت الإفطار جاهز ولين وشبه رطب ..".
وأوضحت خديجة الناشطة في المجتمع المدني والقاطنة بمدينة أطار :" والثانية هي وجبة الإفطار التقليدي عندنا، وهي وجبة رئيسية ، ونسميها ب( الزريق)، وهي عبارة عن لبن رايب يمزج بالماء و السكر حسب الرغبة ويكون شرابا لذيذا" وفي الأخير يأتي الشاي الموريتاني أو الشاي على الطريقة الموريتانية، وهذه هي وجبة الفطور عند السواد الأعظم نظرا للمستوى المادي الضعيف "، مشيرة إلى أن "فئة قليلة التي تكون مائدة الإفطار عندها متنوعة بالحلويات والمحشيات، رغم أن هذه الظاهرة الأخيرة جديدة على نمط الإفطار عندنا وهي تعتبر نوع من الترف".
ومن جهته أوضح الدكتور معاوية الطايع الذي يشتغل كأستاذ للتعليم العالي بنواكشط أن:" المجتمع الموريتاني يتميز ببعض الطقوس والممارسات الخاصة في شهر رمضان من أبرزها ليالي المديح، حيث تكثر في شهر رمضان عادة المدح النبوي الشريف، وهي عبارة عن مجموعة رجال يتمتعون بأصوات حسنة يمدحون جناب النبي المعظم بخصاله وخصائصه ومعجزاته وسط ضرب دف وتصفيق من الحاضرين وتتواصل السهرات الليلية إلى ساعات متأخرة من الليل أي قبل السحور وتنتقل الفرقة من بيت لبيب كل ليلة ويكاد يكون لكل حي فرقته الخاصة بالمديح".
وبخصوص ليلة القدر، قال معاوية البالغ من العمر 33سنة إن في المخلية الشعبية يكاد يتفق الجميع دون أدنى شك أن ليلة 27 من رمضان هي ليلة القدر، ففيها يختتم القرآن في المساجد ويحرص على قيام الليل، ويعتقد الكثيرون أن الشياطين تطلق في هذه الليلة، لذا يعمدون إلى " أرشامة" أي الكي بخنجر ساخن توقد له نار حتى يحمر، ويوضع على جسد الانسان حتى يطفئ، وهذه العادة قديمة عند الموريتانيين لكنها بدأت تتلاشى إلا من بعض المناطق المحافظة.
و ذكر معاوية أن النساء لا يعدن الحلوى ليلة العيد كباقي الدول ، فالحلوى "ليست من ثقافة المجتمع الموريتاني، فهي مستحدثة وثقافة واردة ولم يألفها الكثير إلى حد الساعة، لكن في المقابل هناك عدة أدوار تقوم بها النساء كإعداد الإفطار للمساجد و للطلبة ومساعدة المحتاجبن في الحي بأن تقوم إحداهن بالتكفل بافطارهم ويتم بشكل دوري على القادرات منهن....".
وأشار الدكتور إلى أن "إحدى العادات كانت منتشرة بشكل كبير في البلد، وهي قضاء اليوم في ممارسة ألعاب تسلية تقليدية معروفة عندنا، وحتى الليل كذلك يسهرون عليها..ولكن هذه الظاهرة بدأت تتقلص مع تزايد الوعي الديني إن صح التعبير".
وعن التعبد والصلاة في رمضان، أشار المتحدثان إلى أن العديد من الناس يحافظون على صلاة التراويح، و في يوم عيد الفطر يخرج الجميع بملابس فاخرة للصلاة في ساحة كبيرة مخصصة لذلك .