بزخم يعكس حيوية قطاع النقل السككي بالمغرب، والذي نجح في نقل ما يربو على 56 مليون مسافر خلال عام 2024، تتواصل الجهود لتوسيع وتحديث الشبكة، حيث أكد وزير النقل واللوجستيك، عبد الصمد قيوح، أن الحلم الطموح بربط مراكش بأكادير يدخل مراحله الحاسمة، ضمن رؤية تطويرية شاملة يقودها المكتب الوطني للسكك الحديدية.
فأمام نواب الأمة خلال جلسة الأسئلة الشفوية يوم الإثنين، لم يخف الوزير قيوح أهمية التوجيهات الملكية السامية الواردة في خطاب 6 نونبر 2019، والتي وضعت هذا الربط الاستراتيجي وتوسيعه جنوباً على رأس الأولويات. وكشف الوزير أن الدراسة النهائية التطبيقية التي ستحدد بدقة التكلفة المالية الفعلية لهذا المشروع الضخم، ستكون جاهزة في غضون ثلاثة أشهر فقط، لتنطلق بعدها مباشرة عملية حشد التمويلات اللازمة وطنياً ودولياً، علماً بأن الدراسة التعريفية الأولية قد أُنجزت بالفعل.
ولضمان انطلاقة سلسة لهذا الورش الكبير، أشار قيوح إلى أن الوزارة تواكب المشروع بإجراءات استباقية، شملت اقتناء مساحات عقارية هامة، بواقع 8 كيلومترات تقريباً خارج مراكش، وما يزيد عن 60 هكتاراً قرب ملعب أدرار بمدخل أكادير. يأتي ذلك بالتوازي مع استمرار العمل على مشاريع أخرى، كمشروع ربط الدار البيضاء بمراكش الذي يُتوقع إتمامه بحلول عام 2029.
ولضمان استدامة هذه الطفرة، شدد الوزير على أن المكتب الوطني للسكك الحديدية لا يدخر جهداً في الصيانة الدورية والمراقبة المستمرة للبنية التحتية، وتحديثها وفق أعلى المعايير الدولية، مستشهداً بشهادات التميز التي حصل عليها المكتب كدليل على التزامه بالجودة والسلامة.
ولم تقتصر الجهود على الخطوط الجديدة، بل شملت تحديثاً شاملاً للمحطات والخدمات القائمة. فخلال العقدين الأخيرين، شهدت المملكة إنجاز مشاريع مهيكلة لتأهيل محطات القطار، كان أبرزها إنجاز 4 محطات من الجيل الجديد في طنجة والقنيطرة والرباط أكدال والدار البيضاء المسافرين، فيما تتواصل الأشغال في محطات أخرى كسطات وتازة والرباط والصخيرات ومكناس. كما يجري التخطيط لبناء محطات جديدة لتكون نقاط التقاء بين القطارات فائقة السرعة والقطارات الجهوية، بوتيرة تردد عالية.
وفي نقلة نوعية نحو الاستدامة، كشف قيوح عن خطط للانتقال نحو الطاقة الكهربائية النظيفة في عدد من الخطوط، لتشمل مدناً مثل مكناس، المحمدية، تمارة، جرسيف، تاوريرت، بنجرير، وبرشيد، بدلاً من الطاقة الحرارية التقليدية.
وتتكامل هذه الرؤية التطويرية، الممتدة حتى 2030، مع برنامج اقتناء الأسطول الجديد الذي تم إسناد صفقاته مؤخراً، ويشمل 168 قطاراً من الجيل الجديد بغلاف مالي ضخم يناهز 29 مليار درهم. ويهدف هذا الاستثمار، المنبثق عن الرؤية الملكية المتبصرة، ليس فقط لتجديد الأسطول الحالي، بل لمواكبة النمو المتوقع في حركة النقل ودعم المشاريع الكبرى، كتمديد الخط فائق السرعة إلى مراكش وتطوير شبكات القطار الجهوي السريع (RER) في الحواضر الكبرى للمملكة.