تقرير: تفاقم عجز القطاع الفلاحي يهدد الأمن الغذائي بالمغرب

قال تقرير للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إن التقلبات المناخية التي عاشها المغرب خلال الموسم الفلاحي المنصرم سلطت الضوء من جديد على الهشاشة التي تطبع القطاع الفلاحي وساكنة الوسط القروي، من خلال استمرار الارتهان بحجم التساقطات المطرية الذي يهدد الأمن الغذائي بالمغرب.

ورصد التقرير السنوي للمجلس أن وضعية القطاع الفلاحي والساكنة المرتبطة به تعيش حالة معقدة بسبب صدمة ثلاثية الأبعاد؛ تمثلت في تداعيات أزمة كوفيد والجفاف وانعكاسات الحرب في أوكرانيا، مما أدى إلى تفاقم العجز البنيوي الذي يعرفه هذا القطاع.

وتوقف التقرير على الأوضاع الهشة والمثيرة للقلق التي يعيشها الفلاحون، خاصة الصغار منهم، والمخاطر المتعلقة بتوفر البذور، والموارد المائية الكافية، وغلاء أسعار المدخلات، لا سيما أسمدة النيتروجين والبوتاسيوم المستوردة والمبيدات، والمديونية، وغير ذلك.

ونبه المجلس إلى أن لهذه الصعوبات انعكاسات سلبية على الإنتاج الفلاحي الوطني ومن ثم على الأمن الغذائي بالمغرب ، وعلى هشاشتها إزاء تقلب الأسعار على الصعيد الدولي، من خلال زيادة ارتهانها بالواردات من المنتجات الفلاحية، وذلك في ظل ظرفية يشوبها عدم اليقين.

ومن هذا المنطلق، أكد التقرير أن إرساء تحول للمنظومة الفلاحية، أصبح أمراً استعجالياً، لا سيما وأن معظم الفلاحين والعاملين الفلاحيين يعملون في استغلاليات صغيرة ذات مردودية ضعيفة، وبالتالي فهم لا يملكون الدخل أو الاحتياطيات المالية اللازمة لمواجهة الصدمات المناخية الشديدة والمتكررة.

واعتباراً لخطورة الوضعية التي يجتازها هذا القطاع، شدد التقرير على ضرورة الانكباب على معالجة مختلف مكامن الضعف التي تكرس هشاشة المنظومة الفلاحية وصغار الفلاحين على وجه الخصوص إزاء التقلبات المناخية وتعرقل كل الجهود الرامية إلى التثمين الأمثل للإنتاج.

وأوصى المجلس بدراسة جدوى إدخال أصناف من الحبوب أكثر مقاومة للجفاف، لا سيما تلك المنتشرة في إفريقيا، مثل أصناف الدخن أو الذرة الرفيعة، وإيلاء أهمية أكبر للشعير، مع الحرص على توفير كل الإعانات والتحفيزات المطلوبة لتطوير هذه الزراعات، وهو ما من شأنه تحسين المخزون من البذور، وتقليص التبعية للخارج في هذا المجال، مع تحسين الأمن الغذائي للبلاد.

كما دعا المجلس إلى إعطاء مكانة مركزية للبحث والتطوير في مجال اختيار البذور والزراعات الأكثر مقاومة للجفاف، وفي الجوانب المتعلقة باستعمال الأسمدة، لاسيما العضوية منها كبدائل، وكذا في تطوير تقنيات السقي والأساليب الفلاحية الأكثر ملاءمة لمناخ بلادنا، وهو ما يقتضي تعزيز ميزانية البحث في هذه المجالات.

ونص التقرير على ضرورة مواصلة تطوير البنيات التحتية الخاصة بتحلية مياه البحر، اعتماداً على الطاقة النظيفة، ومعالجة وإعادةس اتعمال المياه العادمة لأغراض السقي في القطاع الفلاحي، والتحسيس الواسع بضرورة ترشيد استهلاك المياه.

كما أوصى المجلس الاقتصادي والاجتماعي بتعزيز مصادر دخل ساكنة المناطق القروية وقدراتها على الصمود أمام التقلبات، وذلك من خلال، النهوض بطبقة وسطى في الوسط القروي، تنويع الأنشطة الاقتصادية بالانفتاح على قطاعات غير فلاحية، وزيادة دعم الصناعة الغذائية من أجل تثمينٍ أفضل للمنتجات الفلاحية وتفادي هدر وضياع المنتجات

في المواسم التي تسجل فائضاً على مستوى العرض، بالإضافة إلى التحفيزات الضريبية، وتقليص تكاليف المدخلات بالنسبة للفلاحين، من خلال تخصيص مساعدات خلال فترات الارتفاع المفرط لأسعار هذه المدخلات.

وفيما يتعلق باستراتيجية الجيل الأخضر 2030 – 2020، أوصى التقرير ببرمجة عمليات تقييم مرحلية لتقييم تقدم إنجاز الاستراتيجية من أجل الوقوف على مدى مساهمتها في تحسين وضعية القطاع الفلاحي والساكنة المرتبطة به، على أن يتم إجراء عمليات التقييم هذه من قبل هيئات مستقلة وليس من قبل الجهة المشرفة على هذه الاستراتيجية.