وطلحة علي باحث في القانون العام والعلوم السياسية بجامعة محمد الخامس
تعد الدبلوماسية وسيلة من وسائل تنفيذ السياسة الخارجية، كما تعتبر وسيلة للإتصال والتفاهم حول بعض المسائل ذات الاهتمام المشترك بين دولتين أو أكثر، والتي يتوخى من خلالها تحسين العلاقات وحل المشكلات المستعصية بين الدول.
في نفس الصدد تعتبر الوسائل الدبلوماسية من أهم الطرق التي تتوسل بها الدول تحقيق التكامل والتفاعل مع الأخرين وذلك بقصد ضمان مصلحتها في البيئة الدولية، وتبقى المفاوضات الوسيلة الدبلوماسية الأكثر أهمية، وذلك لدورها الكبير في هذا المجال، فمن خلالها تدخل الدول في علاقات تعاون مع الوحدات الأخرى. وعن طريقها يمكن للدول أن تفض منازعاتها وتسوية مشكلاتها.
تماشيا مع ما تم ذكره، فإن منظمة الأمم المتحدة في سبيل حفظ السلم والأمن الدوليين، ركزت في فصلها السادس على حل المنازعات سلميا، خاصة من خلال الوسائل الدبلوماسية المتمثلة في المفاوضة والتحقيق والوساطة والتوفيق والتحكيم ثم التسوية القضائية.
هكذا تعتبر المفاوضة أهم وسيلة وأمرا لا بد منه، قبل اللجوء إلى الوسائل الأخرى. فطالما هناك مصالح مشتركة بين مختلف الدول، فإن دور المفاوضات الدولية في تأمين السلم والأمن الدوليين والمحافظة عليهما يستلزم أساسا حل المشكلات التي تحدث بين هذه الدول والسعي الدؤوب دون تفاقمها.
من هذا المنطلق يعتبر المغرب من الدول الرائدة في مجال الدبلوماسية نظرا للدور الكبير الذي يلعبه في الوساطة لحل مجموعة من النزاعات خاصة في المنطقة العربية والإفريقية. إن الدبلوماسية المغربية سواء في عهد الملكين الراحلين محمد الخامس أوالحسن الثاني، أو في عهد الملك محمد السادس، ساهمت بشكل فعال وفي مرات عديدة في التخفيف من حدة النزاعات في الشرق الأوسط، خاصة النزاع الفلسطيني الإسرائيلي. حيث شارك المغرب في مختلف المؤتمرات وقمم السلام التي كانت تهدف إلى الوصول لحلول عملية ودائمة من خلال تمسكها المستمر بحل الدولتين الذي جاء به القرار 242 لمجلس الأمن الدولي سنة 1967.
في هذا الإطار ومع تفاقم الصراع في الشرق الأوسط بين الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية، تحركت الدبلوماسية المغربية بكل وسائلها المتاحة للعمل على إيجاد حلول سلمية سريعة لإيقاف نزيف هذا الصراع، من خلال الاتصالات والزيارات المكثفة التي يقوم بها وزير الشؤون الخارجية والتعاون لمختلف الدول في المنطقة، اخرها كان الحضور الفعال لأشغال قمة القاهرة للسلام السبت المنصرم. هذا دون إغفال التفاعل المنقطع النظير لباقي المؤسسات الدستورية الأخرى ومنظمات المجتمع المدني.
في الأخير لا بد من الإشارة، إلى أن فرصة المغرب تبقى أكبر في الوساطة لحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، مقارنة بباقي الأطراف في المنطقة أو خارجها، نظرا للعلاقات المتميزة التي تربطه بالجانبين، هذا بالإضافة إلى كونه يترأس لجنة القدس، هذه الأخيرة التي راكمت تجارب عديدة ساهمت في حفظ السلم والأمن في المنطقة.