كتلة جديدة من الثوابت الوطنية

 

يوسف وقسو- الرشيدية

على هامش التدافع العمومي الذي تعرفه الساحة الاعلامية والافتراضية اليوم بالمغرب، بخصوص موضوع الثوابت الجامعة للمملكة وسبل صيانتها واحترامها، لابد من التأكيد على أن مسالة احترام الثوابت الوطنية التي تجمعنا كشعب واحد مسألة أساسية ولا جدال فيها بما في ذلك : الدين والوحدة الوطنية والمؤسسة الملكية. لكن الامر يتجاوز ذلك بكثير لما هو اعمق، بحيث ان الأمر لا يتعلق بمجرد الادعاء باحترامها بشكل سطحي بقدر ما يستلزمه الموضوع من ضرورة تجسيد عملي لهاته الثوابت على مستوى مضامين السياسات والبرامج العمومية، ناهيك عن ضرورة إعادة جرد لائحة هذه الثوابت انسجاما مع التطورات التي يشهدها السياق الدولي والاقليمي والذي تعد المملكة المغربية جزءا لا يتجزأ منه.

 

لكنه بالموازاة مع ذلك وأمام التطور الدستوري والمؤسسي التي شهدته بلادنا في الآونة الاخيرة، والذي استدعى تعديلا دستوريا شاملا واستجابة ملكية لصوت الشارع وإشكالاته، لا بد من التنبيه إلى أن  كتلة جديدة من الثوابت ولجت خانة الثوابت الوطنية، ويتعلق الأمر أساسا بالاختيار الديمقراطي للمملكة وتكريس منظومة الحكامة كخيارين متقدمين لوثيقة 2011، بما يعنيه ذلك من ضرورة تصحيح أخطاء الممارسة السياسية والادارية السابقة والدفع بها نحو خدمة أجندة المواطنين وتوفير القدر اللازم لعيش المغاربة بحرية وبكرامة وبعدالة اجتماعية داخل هذا البلد.

وبالتالي فالمرحلة تحتاج إلى مزيد من التأني والتناظر الرصين تشارك فيه كل الحساسيات المجتمعية  بعيدا عن الطابع الإحتكاري للمركزيات الحزبية والادارية وبعض الاوساط المنتقاة، بغية استجلاء مكامن ضعف هذه المنظومة والمساهمة بفعالية في إعادة توجيهها الوجهة الصائبة في المستقبل، عوض صناعة الفوضى الخلاقة وتغليف النقاشات الكبرى والاستراتيجية بأخرى تافهة.

وارتباطا بالسياق الاحتجاجي المغربي، فالمؤكد أن المؤسسة الملكية نفسها انتقدت بشدة مدخلات الاحتجاج العمومي معلنة عن تآكل النموذج التنموي والتدبيري المعمول به، وموجهة في نفس السياق أصابع الاتهام الى ضعف المنظومة الحزبية والادارية ببلادنا في كيفية التعاطي مع ثنائية التمثيل والتوزيع، بالإضافة إلى تأخر سلوك القائمين عليها الذين ساهموا في انهيار مؤشر ثقة المغاربة في مؤسساتهم.

 

عموما يمكن المراهنة بكون انزلاقات السياق الاحتجاجي ستظل قائمة بفعل استمرار نفس أعطاب التدبير الحزبي والعمومي.

 


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.