رفقا بالمطلقات

كلُّ امرأةٍ تحلمُ بزواجٍ سعيدٍ في أحضانِ رجلٍ كريمٍ بأخلاقِه وحنانِه وعطفِه , وعشٌ مملوءٌ بالحبِ والحنانِ فيه أطفالٌ يجعلون الحياةَ أكثرَ سعادةٍ , ولكن سرعان ما تتبدُ هذه الأحلامُ بعد الزواجِ وتنصدمُ المرأةُ بما كانتْ تحلمُ به أصبحَ أشبه من الخيالِ لأسبابٍ عديدةٍ منها عدمُ التفاهمُ بين الطرفينٍ أو لظروفِ ماديةٍ أو لأشياءَ أخرى. وبعد ذلك يتمُ الانفصالُ الذي يهدمُ أسرةً بكاملِها مما يكونُ الأطفالُ في ضياعٍ مشردينَ والأمُ في تفكيرٍ دائما في كيفيةُ توفيرُ حياةٌ سعيدةٌ لأطفالها بعد أنْ تعودوا على الصرفِ والدلالِ وحنانِ الأبوين وخصوصاً بعضُ الأزواجِ لا يعطون نفقةَ الأطفالِ كاملةً مما يقعُ كاهلُهم على الأم مما يجعلُها أكثرُ تعاسةٍ وتفقدُ لذةَ الحياةِ وهي في عنفوان شبابها وتتحولُ إلى ضحيةٍ لأنَّها تكونُ بين نارينِ نارُ أطفالِها ومشاعرِها وأحاسيسِها ونارُ المجتمعِ اللاهبةُ التي لا ترحمُ المطلقة مهما كانت الأسباب و الدوافع .

لماذا المرأةُ تتحملُ وزرَ الطلاقِ أليس لها مشاعرٌ وأحاسيسٌ ؟ أليس لها أنْ تعيشَ حياةً مثلَ ما تريدُ ؟ ربَّما قد غبنتْ في حقوقِها ومشاعرِها من زوجِها , لكن مازال مجتمعُنا في نظرتِه إلى المطلقة نظرةً قاسيةً بأنَّها فشلتْ في حياتِها وهذه نظرةٌ خاطئةٌ لأنَّك لا تستطيعُ الحكمَ عليها لأنَّ كما يقولون (البيوتُ أسرارٌ )فالدوافعُ والأسبابُ لا نعرفُها ولهذا لا يجوز أنْ نحملَها وزرَ طلاقِها وربَّما هناك أشياءُ لا تستطيعُ البوحَ بها ولذلك تضحي وتطلبُ الانفصالُ دون أنْ تعلنَ عن هذه الأشياء وهذا راجعٌ لحسن خلُقِها وتربيتِها لأنُّ المرأةَ في مجتمعِنا امرأةٌ مضحيةٌ حتى في حياتِها ولهذا ترى أنَّ حريتِها ناقصةٌ لا تستطيعُ التحدثَ عن طموحاتِها ومشاعرِها. إضافة إلى كونها خسرتْ بيتَها وزوجَها يجعلُها المجتمعُ مقيدةً في خروجِها من بيتِها وحتى في سيرِها وطريقةِ كلامِها وملبسِها وعملِها مما يزيدُها أكثر إحباطاً وهماً إضافة ما تحملُه من متاعبِ الحياة.

وننسى أنَّ اللهَ تعالى أحل الطلاقُ عندما يكونُ الزوجان في طريقٍ مسدودٍ لا يبقى أمامهم إلا خيار الطلاقِ فإذاً لماذا نستغربُ من ذلك ونضعُ المرأةَ في دائرةٍ مقفلةٍ أشبه بقفصٍ حديد لا يحقُ لها أنْ تتعاملَ مع الحياةِ من جديد وكأنما الدنيا انتهتْ في وجهِها.فعلى المثقفين أولاً أنْ يغيروا نظرتَهم اتجاه هذه المرأةُ التي تحولتْ حياتِها إلى جحيمٍ في ليلةٍ وضحاها .

ثانيا:ً على منظماتِ حقوقِ المرأةِ أنْ ينشروا حملاتٍ تثقيفيةٍ للمرأةِ المطلقةِ التي تعتبرُ من أهم حقوقُها هي كرامتُها وحالتُها النفسيةُ فهي محتاجةٍ إلى الحبٍ والحنانٍ أكثرُ من الخبزِ والماءِ وأخيراً نوصي الأزواجَ أنْ يعاملوا زوجاتَهم برفقٍ ولين وأنْ يكرموهُن حتى في طلاقِهُن أي يعطوا لهن حقوقاً كاملةً ونقول للمرأةِ المطلقةِ يا سيدتي أنَّك امرأةٌ محترمةٌ وقادرةٌ على السيرِ في الحياةِ بنجاحِ فخذي دورَك ولا تتراجعي لأنَّ الحياةَ مفتوحةٌ أمامك.

ذ. محمد حبيب مستشار في قضايا الاسرة