يوميات أستاذ برتبة ضابط..مكتبة محفوظ

كل أستاذ متدرب مر من مركز الجديدة، إلا ويستحضر محفوظ و"مكتبة محفوظ" التي أضحت جزءا لا يتجزأ من المجال الحيوي لهذا المركز الجهوي .. مكتبة تتواجد بحي شعبي زحف عليه العمران من كل اتجاه ولم يتبق منه سوى بضع منازل وبيوتــــات ..تتموقع المكتبـــة كالحارس الأمين أمام المدخل الرئيسي للمركــــز لا يفصل بينهما سوى شارع باتجاهيـــــن ..

تبعد  من جهة اليسار بحوالي مائة متر عن معهد التكنولوجيا ..رغــم صغـر مساحتهــا .. تبــدو كخلية نحـل لا يهـدأ لها بــال ولا تتوقف فيها حركــة من الساعات الأولى للصباح حتى ساعات متأخرة من الليـــــل.. وكأنهــا شيــخ يتــــــردد عليه عشــرات المريديــن من كل حــدب وصوب بحثــا عن بركــة من البركـــات .. أو كأميرة عشــق تفـــــرق صكـــــوك الشوق على صنــاع العشــق والهيـــام..مكتبــة ليست بالراقيــة ولا بالمتواضعـــة .. أحبت الجميـــع وبادلها الجميـــع حبـا بحب ووفــاء بوفــاء .. معظم زبنائهــا من الأساتذة المتدربين من مختلـــف المسالك والشعــب  والذين يتــرددون عليها كل يـــوم وكل لحظــة .. من أجل اقتناء " بورط فوليو" ، أو" جذاذة تحضير" أو "قلم حبر جــاف" أو نسخ وثائــق أو دروس أو طبـــع عروض أو بحــوث ... المثير للإنتبـــاه في هذه المكتبــة هو رحابة صــدر صاحبهـــا "محفــوظ" وسعــة خاطــره وحسن استقباله وتواصلــه مع الزبنـــاء، وهي خصال امتدت إلى مساعديــه .. إلى درجــة أن المكتبة أضحت مجــالا مفتوحا لجميع الأساتـــذة المتدربيــن الذين يلجـــون اليها بكل حريــة وأريحيـــة ويطبعــون بأنفسهـــــم ما يرغبــون فيه من وثائـــق ..

ولعل كل أستاذ متدرب من مسلك الثانوي التأهيلي  شعبة التاريخ والجغرافيا  مـر من مركز  مازاغـــان .. سيتذكر جيــدا هذه المكتبــة .. وسيتذكـر من خلالهـــا تـــلالا وهضابـــا من وثائــق التخطيـــط والتدبيــــر التي كانــت تتساقط كل يـــوم كزخــات المطــر .. وسيتذكر كل متــدرب .. أن حكاية "البورط فوليــو" مـرت من مكتبة "محفوظ" .. مكتبة لا كالمكتبات ...