أكد تقرير عربي متخصص أن المغرب واصل تعزيز حضوره في خريطة الاستثمار الإقليمي، بعدما نجح في التموقع ضمن أقوى خمس دول عربية استقطاباً للاستثمار الأجنبي المباشر في قطاع الصناعات الغذائية والمشروبات، أحد أكثر القطاعات حيوية في المنطقة.
وحسب التقرير القطاعي لسنة 2025 الصادر عن المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات (ضمان)، فقد جاء المغرب ضمن قائمة تضم إلى جانبه كلاً من مصر، والمملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، ودولة قطر، باعتبارها الوجهات الأكثر جذباً لرؤوس الأموال الأجنبية في هذا المجال.
وكشف التقرير عن تركّز جغرافي واضح للاستثمارات، إذ استحوذت الدول الخمس المذكورة على النصيب الأكبر من المشاريع المنجزة في العالم العربي، حيث بلغ عددها 421 مشروعاً استثمارياً أجنبياً، أي ما يعادل 82 في المائة من إجمالي المشاريع المسجلة خلال الفترة التي شملها الرصد.
ولم يقتصر هذا التركز على عدد المشاريع فقط، بل شمل أيضاً القيمة المالية وحجم فرص الشغل، إذ تجاوز إجمالي الاستثمارات المنجزة في هذه الدول سقف 17 مليار دولار، مستحوذة على نحو 79 في المائة من مجموع رؤوس الأموال المستثمرة في القطاع. كما أسهمت هذه المشاريع في إحداث حوالي 71 ألف فرصة عمل، أي ما يمثل 76 في المائة من مجموع الوظائف المحدثة.
وفي قراءة تحليلية تمتد على مدى 22 عاماً، أوضح تقرير “ضمان” أن المنطقة العربية سجلت ما مجموعه 516 مشروع استثمار أجنبي مباشر في الصناعات الغذائية، باستثمارات إجمالية قاربت 22 مليار دولار، مكنت من خلق نحو 93 ألف فرصة عمل.
وعزا التقرير هذا التفاوت في توزيع الاستثمارات إلى امتلاك عدد محدود من الدول العربية لمزايا هيكلية وتنافسية، من بينها اتساع حجم الطلب الداخلي، وتوفر قاعدة صناعية متطورة، إضافة إلى بنية لوجستية قادرة على دعم سلاسل التوريد والتصدير.
وعلى مستوى مصادر التمويل، تصدرت الولايات المتحدة الأمريكية قائمة المستثمرين الأجانب في قطاع الأغذية والمشروبات عربياً، إذ أنجزت شركاتها 74 مشروعاً، تمثل 14 في المائة من الإجمالي، باستثمارات ناهزت 4 مليارات دولار، وأسهمت في توفير أكثر من 14 ألف منصب شغل، فيما استحوذت الدول العشر الأولى المستثمرة مجتمعة على نحو ثلث إجمالي الاستثمارات.
أما على صعيد الشركات العالمية، فقد جاءت مجموعة “نستله” السويسرية في صدارة الترتيب من حيث عدد المشاريع المنفذة، في حين برزت شركة “نيبولون” الأوكرانية كأكبر مستثمر من حيث القيمة المالية وحجم فرص الشغل المحدثة.
وسلط التقرير الضوء أيضاً على تنامي الاستثمارات البينية العربية في هذا القطاع المرتبط بالأمن الغذائي، حيث شاركت 12 دولة عربية في إطلاق 108 مشاريع داخل المنطقة، تمثل 21 في المائة من الإجمالي، باستثمارات بلغت 6.5 مليارات دولار، وأسهمت في توفير حوالي 28 ألف فرصة عمل.
وفي هذا السياق، حافظت دولة الإمارات العربية المتحدة على ريادتها، مستحوذة على 45 في المائة من المشاريع البينية و58 في المائة من رؤوس الأموال العربية المستثمرة في القطاع، ما يعزز موقعها كمركز مالي واستثماري إقليمي.
واختتم تقرير “ضمان” تحليله بالاستناد إلى مؤشرات وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني لسنة 2024، حيث تصدرت الإمارات والسعودية ومصر وقطر قائمة الأسواق العربية الأكثر جاذبية، تلتها مجموعة ثانية ضمت المغرب، وعُمان، والبحرين، والجزائر، والكويت، في مؤشر على حدة التنافس الإقليمي وضرورة مواصلة المغرب تعزيز مناخ الأعمال للحفاظ على موقعه المتقدم.