في خطوة حازمة للحد من التوظيف الانتخابي داخل الجماعات الترابية، باشرت مصالح الإدارة الترابية تشديد الرقابة على تدبير ملفات الدعم والتوظيف المؤقت، واضعة حداً لهيمنة المنتخبين على قرارات حساسة استُعملت، في حالات عديدة، لخدمة أجندات انتخابية.
وبهذا الخصوص، توصلت جماعات تعرف تضخماً في عدد العمال العرضيين بمراسلات صادرة عن العمال، تنبه إلى تفاقم الخروقات المرتبطة بتدبير عقود هذه الفئة، في ظل شبهات استغلالها انتخابياً، واستفادة آلاف “العمال الأشباح” من بطاقات الإنعاش الوطني، دون احترام المقتضيات القانونية المنظمة.
وأكدت هذه المراسلات ضرورة التقيد الصارم بدورية وزير الداخلية، خاصة ما يتعلق بقطع الاستمرارية في منح إشعارات الالتزام، تفادياً لترتيب حقوق مكتسبة بموجب مدونة الشغل، تعجز الميزانيات الجماعية عن تحملها. كما تقرر منع أي توظيف جديد للعمال العرضيين خلال ما تبقى من الولاية الانتدابية الحالية.
وفي موازاة ذلك، يواجه عدد من المنتخبين خطر العزل، بعد رصد حالات تضارب مصالح في توزيع الدعم العمومي على جمعيات تبين أنها تُدار بأسماء صورية، لفائدة مستشارين ونواب رؤساء جماعات. ورفضت سلطات الوصاية التأشير على ملفات دعم مشبوهة، عقب أبحاث إدارية كشفت اختلالات جسيمة في تدبير تعويضات العمال العرضيين، وغياب محاضر رسمية توثق المبالغ المصروفة وطبيعة الأشغال المنجزة.
وشملت قرارات الرفض مئات المجالس الترابية، من جماعات ومجالس إقليمية وجهوية، بعد ضبط لوائح تضم جمعيات يشرف عليها مقربون من منتخبين من الأغلبية والمعارضة، يشتبه في انخراطهم ضمن شبكات وساطة انتخابية مبكرة. كما تدخلت السلطات لمنع لقاءات تواصلية قُدمت على أنها أنشطة شبابية حزبية، ليتبين لاحقاً أنها عمليات توزيع مساعدات ذات طابع انتخابي.
وتسعى وزارة الداخلية إلى وقف ما وصفته بنزيف الحملات السابقة لأوانها، الممولة من الميزانيات الجماعية تحت غطاء دعم الجمعيات، وذلك عبر تشديد العمل بمضامين دورية موجهة إلى الولاة والعمال، تهم إعداد وتنفيذ ميزانيات الجماعات، خصوصاً تلك التي تعاني من عجز مالي.
وفي هذا السياق، تقرر إسناد تدبير المنح التكميلية ودعم الأنشطة الثقافية والرياضية والفنية إلى الولاة والعمال، بدل المنتخبين، مع تذكير مختلف المصالح الترابية بقيمة الدعم المخصص لكل عمالة أو إقليم، وتوضيح آليات سحب صلاحيات التوزيع بشكل مباشر، وليس الاكتفاء بمسطرة التأشير فقط.