يلفت العمل المسرحي “تخرشيش” الأنظار مع إعلان مشاركته في المسابقة الرسمية للمهرجان الوطني للمسرح بتطوان، في خطوة تُعيد تسليط الضوء على الجدل الذي رافق الحديث عنه منذ الكشف عن موضوعه والاتجاه الفني الذي يتبناه. اختيار المسرحية ضمن برنامج المهرجان يعكس استعداد المؤسسة لتبني أعمال جريئة تلامس قضايا شائكة غالباً ما تُدرج ضمن نطاق المحظور.
وتوقّع الكثيرون أن يُثير العمل الذي سيعرض يوم الاثنين 17 نونبر بالمركز الثقافي بتطوان نقاشاً واسعاً، نظراً لما يطرحه من موضوع حساس يتمثل في العنف الجنسي وزنا المحارم، باعتباره من الطابوهات المسكوت عنها داخل المجتمع.
![]()
وتدور أحداث المسرحية داخل فضاء مغلق وسط الغابة، حيث يعيش أب قاسٍ مع ابنتيه في عزلة تامة، يمارس عليهن سلطة قهرية تعتمد على العنف النفسي والجسدي، مستعيناً بوسائل مختلفة كالموسيقى والأقراص المخدّرة لاستدراجهن تحت مظلته الاستبدادية.
وتتصاعد الأحداث مع ظهور موظف من المياه والغابات يكشف سر هذه العائلة، قبل أن تندلع لحظة تمرّد تقودها الفتاتان في صرخة رمزية للتحرر والبحث عن الخلاص.
العمل، الذي تشرف على إخراجه مريم الزعيمي، ويشارك فيه كل من سعد موفق، ساندية تاج الدين، وأيوب أبو النصر، يستند إلى مقاربة جمالية تنتمي إلى مسرح القسوة، حيث تُوظَّف السينوغرافيا—من الغابة المعتمة إلى الأكواخ المهترئة والأصوات الموحشة—كأدوات بصرية وصوتية تُكثّف المأساة وتجعل المشاهد في مواجهة مباشرة مع الألم الإنساني.
ولا يُنظر إلى “تخرشيش” كعمل مسرحي يكتفي بعرض قصة مأساوية، بل كصرخة فنية تسعى إلى كسر الصمت حول العنف ضد النساء، وتقديم الخشبة كمساحة لمساءلة الوعي الجماعي وتفكيك البنيات التي تسمح باستمرار هذه الظواهر. ومع دخوله المنافسة الرسمية، يُرتقب أن يفتح العمل نقاشاً واسعاً داخل المهرجان حول حدود الجرأة في المسرح المغربي، ودور الفن في مقاربة القضايا التي تلامس أعماق المجتمع
ويذكر أن العمل هو من تقديم فرقة “المسرحيين المتحدين”، ويجمع بين التجريب الجسدي والرمزية الفنية، في معالجة جريئة لقضية اجتماعية مؤلمة تستفز الأسئلة أكثر مما تقدم الإجابات.