أثار حديث عن توجيهات داخلية تلزم مناديب وزارة الصحة بجهة الدار البيضاء–سطات بإعداد لوائح حراسة إجبارية للأطر الصحية، جدلاً واسعاً في صفوف النقابات، التي سارعت إلى التحذير مما وصفته بـ“القرارات الفوقية” و“الخلط بين المهام الوقائية والاستشفائية”.
وحسب ما تم تداوله، فإن التعليمات الجديدة تقضي بتنظيم تناوب يومي بالمراكز الصحية إلى حدود الثامنة والنصف مساءً، مع العمل خلال عطلة نهاية الأسبوع، وهو ما اعتبرته النقابات “تغييراً جوهرياً لطبيعة هذه المرافق التي تُغلق عادة عند الرابعة والنصف مساءً”.
في هذا السياق، أصدر المكتب الجهوي للنقابة الوطنية للصحة العمومية (ف.د.ش) بياناً شدّد فيه على رفض “أي إجراء يُتخذ دون إشراك الشركاء الاجتماعيين”، مؤكداً أن ما يجري تداوله “مجرد اقتراح أولي في إطار اجتماعات داخلية”، لم يُؤشّر عليه بعد من طرف وزارة الصحة والحماية الاجتماعية.
وأضاف البيان أن المديرية الجهوية نفسها أكدت أن أي قرار من هذا النوع “لن يُعتمد إلا بعد استيفاء المساطر القانونية والإدارية وموافقة الأطر المعنية”، مشيراً إلى أن المراكز الصحية ليست مؤهلة تقنياً أو لوجيستيكياً لاستقبال الحالات الاستعجالية أو أداء مهام استشفائية، إذ تظل هذه المهام من اختصاص المستشفيات وأقسام المستعجلات.
بدورها، صعّدت النقابة الوطنية للصحة المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل (CDT) من لهجتها، مؤكدة أن مناديب الجهة “تلقّوا فعلاً تعليمات لإعداد لوائح إلزامية للحراسة”، بناء على اجتماع جمع المدير الجهوي ووالي الجهة، وأن بعض المناديب، خاصة بمندوبية آنفا، باشروا تنفيذ القرار عملياً.
النقابة أوضحت أن فرض حراسة بالمراكز الصحية “يعني عملياً تحويلها إلى فضاءات لاستقبال الحالات الاستعجالية دون تجهيزات ولا موارد بشرية كافية”، محذّرة من “تنامي غضب المواطنين إذا لم تُلبَّ حاجاتهم داخل هذه المراكز”، ومحمّلة الدولة مسؤولية “الاختلالات البنيوية المتراكمة في قطاع الصحة منذ عقود”.
كما تساءلت النقابة عن سبب حصر الإجراء في جهة الدار البيضاء–سطات دون باقي الجهات، معتبرة أن القرار “يثير شبهة تدخل وزارة الداخلية في تدبير الشأن الصحي”، قبل أن تتساءل بسخرية: “هل أصبحنا موظفين لدى وزارة الداخلية دون علمنا؟”.
ورغم نبرتها التصعيدية، اختتمت النقابة بيانها بالتأكيد على أن الشغيلة الصحية “لن تتأخر في خدمة الوطن والمواطنين متى توفرت الظروف القانونية واللوجيستيكية المناسبة”، داعية إلى “الحوار بدل الإملاء، والإصلاح بدل الارتجال”.