تعيش منطقة بوسكورة جنوب الدار البيضاء واقعا متناقضا يعكس إشكالية التخطيط الحضري في مشاريع التنمية المحلية، حيث تم إنجاز فضاءات خضراء دون مراعاة الاحتياجات الأساسية للمواطنين.
يواجه بوسكورة بارك، المشروع الأخضر القريب من محطة القطار والذي كان مخططا له أن يكون متنفسًا للسكان، مشكلة حقيقية تهدد استدامته واستفادة المواطنين منه. غياب المرافق الصحية بشكل كامل في هذا الفضاء يطرح تساؤلات جدية حول جودة الدراسات المسبقة للمشروع.
الوضع الميداني يكشف عن مشاهد محرجة، حيث يجد الزوار أنفسهم مضطرين لقضاء حاجتهم في العراء، وهو الأمر الذي يتكرر يوميا حسب شهود عيان من المنطقة. هذا المشهد الذي رصدته جولة استطلاعية لجريدة بلبريس، يضع علامات استفهام كبيرة حول مدى اعتبار حاجات المستفيدين في مرحلة التصميم.
المشاكل تتعدى النقص في المرافق الصحية لتشمل فوضى الدراجات النارية التي تدخل الفضاء دون ضوابط، بالإضافة إلى تراكم النفايات في بعض المناطق، مما يؤثر سلبا على الهدف الأساسي من إنشاء هذا المرفق الترفيهي، فبدلا من الراحة والتأمل يجد المواطن نفسه في معانا حقيقية.
الخبراء في التخطيط الحضري يشيرون إلى أن غياب المرافق الصحية في الفضاءات العامة يدل على قصور في التصور الشامل للمشاريع الحضرية. فالاستثمار في البناء دون توفير الخدمات المرافقة يجعل هذه المشاريع ناقصة ومعرضة للفشل.
التجارب السابقة في مناطق أخرى تؤكد أن الفضاءات التي تفتقر للمرافق الأساسية تتحول مع الوقت إلى أماكن مهجورة. الروائح التي تنتج عن استعمال المكان كمرحاض عمومي تدفع الأسر والزوار للعزوف عن استخدامه، وبالتالي يفقد المشروع قيمته المرجوة.
البعد الاجتماعي للمشكلة لا يقل أهمية عن الجانب البيئي، حيث تجد العائلات صعوبة في زيارة المكان مع الأطفال نظرًا لعدم توفر مرافق صحية مناسبة. هذا الوضع يحرم فئات مجتمعية مهمة من الاستفادة من مرفق مفترض أنه عمومي ومتاح للجميع.
سكان المنطقة الذين رحبوا بإنجاز المشروع يعبرون عن استيائهم من هذا النقص الواضح. فبعد انتظار طويل لرؤية فضاء أخضر في منطقتهم، يجدون أنفسهم أمام مشروع غير مكتمل لا يحقق الغرض المطلوب منه.
الحل التقني لهذه المعضلة متاح وغير معقد، لكنه يتطلب تدخلا سريعا من السلطات المحلية والجماعية المختصة. إنشاء مرافق صحية نظيفة ومجهزة بالمعايير المطلوبة أمر ممكن التحقيق بشرط وجود الإرادة السياسية اللازمة.
ودعا موطنون التقتهم بلبريس ، إلى ضرورة التحرك الفوري للسلطات المختصة قبل أن يفقد المشروع جاذبيته نهائيا. من خلال الاستثمار في البنية التحتية المرافقة للمشاريع الخضراء يضمن استدامتها وتحقيق الأهداف التي أنشئت من أجلها.
المطالبة موجهة اليوم للسلطات المختصة بضرورة تحمل المسؤولية والتدخل العاجل لتدارك هذا النقص، حتى يتحول بوسكورة بارك فعلا إلى الفضاء الأخضر المرغوب الذي يخدم سكان المنطقة بدل أن يبقى مشروعًا ناقصًا يضاف إلى قائمة المشاريع المعطوبة في المدينة.