أثار ظهور ممثلي جبهة البوليساريو الانفصالية في قمة طوكيو الدولية لتنمية إفريقيا “تيكاد 9” المنعقدة بمدينة يوكوهاما اليابانية، جدلاً واسعاً في الأوساط المغاربية والدولية.
فقد حرصت اليابان، قبل وأثناء القمة، على تأكيد موقفها الثابت الرافض للاعتراف بأي كيان غير معترف به دولياً، في إشارة واضحة إلى “البوليساريو”.
ورغم هذا الموقف الرسمي الصارم، تمكن وفد الجبهة الانفصالية من دخول قاعة أشغال القمة بغطاء من الاتحاد الإفريقي وبدعم مباشر من الجزائر، بل استعان بحارس أمن من اليابان، في مشهد أعاد إلى الأذهان ما حدث في قمة “تيكاد 8” في تونس وما خلفه من أزمة دبلوماسية بين المغرب وتونس، الأمر الذي جعل مراقبين يطرحون تساؤلات حول حدود الموقف الياباني وما إذا كان يكفي الاقتصار على التصريحات، في حين اختارت قوى كبرى مثل الصين منع حضور الكيان الانفصالي بشكل قاطع في قممها مع إفريقيا.
في هذا السياق، اعتبر الخبير في العلاقات الدولية أحمد نور الدين أن ما وقع في قمة يوكوهاما يؤكد المخاوف التي نبه إليها منذ سنوات، بدءاً من قمة مالابو سنة 2016 بين الجامعة العربية والاتحاد الإفريقي، مروراً بقمة أبيدجان 2017 بين الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي، والتي مثلت بحسبه “انتكاسة حقيقية” بعد أن كانت القمم الأربع السابقة تمنع حضور “الكيان الوهمي”.
وقال نور الدين، في تصريح خص به بلبريس، إنه نبه منذ ذلك التاريخ إلى أن بقاء ما سماه “جمهورية تندوف الوهمية” عضواً داخل الاتحاد الإفريقي يشكل خطراً ماحقاً يهدد المصالح الاستراتيجية للمملكة، مؤكداً أن الحل الوحيد هو أن تتحرك الدبلوماسية المغربية لطرد الكيان الوهمي من الاتحاد الإفريقي.
وأوضح الخبير أن “ما بني على باطل فهو باطل كما تقول القاعدة القانونية”، مشيراً إلى أن “جمهورية تندوف أُقحمت داخل المنظمة الإفريقية في تناقض صارخ مع الفصل الرابع من ميثاق الوحدة الإفريقية آنذاك”.
وأضاف أن هذا “الكيان لا تتوفر فيه إلى اليوم شروط العضوية التي ينص عليها ميثاق الاتحاد الإفريقي، باعتبار أن المنظمة تجمع الدول، وليس الميليشيات أو التنظيمات الانفصالية أو الحركات السياسية، مؤكداً أن الكيان يفتقر إلى أي مقوم من مقومات الدولة كما هي معروفة في القانون الدولي.
وشدد نور الدين على أن جمهورية تندوف مجرد كيان أُعلن من جانب واحد فوق الأراضي الجزائرية، مبرزاً أن أبسط شروط السيادة لا تتوفر فيه، ومنها جوازات السفر. وأوضح أن رئيس الكيان الانفصالي “ابن بطوش” وباقي قادة الجبهة يتحركون عبر العالم بجوازات سفر جزائرية، وهو ما يشكل لوحده، حسب تعبيره، سبباً كافياً لهدم عضوية هذا الكيان في الاتحاد الإفريقي.
وأكد أن جوازات السفر لوحدها حجة دامغة لطرد الكيان الوهمي، لأن حمل قادته لجوازات سفر جزائرية يعني أن الجزائر تتوفر على مقعدين داخل المنظمة الإفريقية، في خرق واضح لميثاق الاتحاد الذي يمنح مقعداً واحداً لكل دولة عضو. وتساءل: “فكيف تحتل الجزائر مقعدين؟!”.
وأضاف نور الدين أن هذه أبسط حجة لطرد الكيان، وإلا فهناك ألف حجة قانونية وسياسية أخرى لطرده، مذكّراً بأنه فصّل الكثير منها في مقالات ومرافعات بالمنابر الوطنية والدولية.
وختم الخبير تصريحه بالتشديد على أن ما لم يتم طرد الكيان الوهمي من الاتحاد الإفريقي، ستبقى اليابان والاتحاد الأوروبي وغيرهما عاجزين عن منعه من حضور القمم المنظمة بشراكة مع الاتحاد، لأن اللوائح الداخلية للمنظمة تجبرها على توجيه الدعوات إلى جميع أعضائها. وقال إن اليابان لم توجه دعوة لما سماه “جمهورية ابن بطوش”، بل الاتحاد الإفريقي هو من قام بذلك.
وشدد في الأخير على أن الحل الوحيد هو استئصال الورم الخبيث، وليس إعطاء المريض مسكنات ومهدئات في كل قمة من القمم، مذكّراً بأنه منذ عشر سنوات وهو ينادي بأعلى صوته عبر المقالات والمداخلات والمذكرات بضرورة تحرك وزارة الخارجية المغربية سياسياً وقانونياً لطرد الكيان الوهمي، لكنه عبّر عن أسفه لما اعتبره “فرصاً ضائعة على الوطن لحسم النزاع وطي الملف بشكل نهائي وبلا رجعة”