تسابق الأحزاب السياسية المغربية الزمن لوضع اللمسات الأخيرة على مقترحاتها المتعلقة بمراجعة المنظومة الانتخابية، في سباق محكوم بسقف زمني ينتهي بنهاية شهر غشت الجاري.
وتأتي هذه الديناميكية استجابة لدعوة وزارة الداخلية وللتوجيهات الملكية الواردة في خطاب العرش الأخير، على أن تناقش المقترحات النهائية خلال الدورة البرلمانية الخريفية المقبلة بهدف استعادة ثقة المواطنين في المؤسسات المنتخبة.
وكشفت مصادر مطلعة لبلبريس أن الأحزاب لم تقدم بعد تصوراتها النهائية للوزارة الوصية.
وبينما عقدت بعض الهيئات السياسية اجتماعات داخلية، لا يزال البعض الآخر متأخرا بسبب العطلة الصيفية. إلا أن المؤكد هو أن الأسبوع الأخير من شهر غشت سيشهد اجتماعات مكثفة للمكاتب السياسية، خاصة داخل احزاب الاغلبية، لوضع الصيغ النهائية للمقترحات قبل تقديمها رسميا.
ويعتبر هاجس العزوف عن المشاركة السياسية التحدي الأكبر الذي يؤرق كل الأحزاب، حيث يشكل إشكالا حقيقيا يهدد شرعية الاستحقاقات المقبلة.
هذا القلق المركزي هو ما يدفع النقاشات الحالية نحو البحث عن حلول جذرية لتعزيز المشاركة، إلى جانب إيجاد صيغ فعالة لضمان تمثيلية حقيقية للشباب والمرأة وقطع الطريق أمام هيمنة المال على المشهد السياسي.
وفي تفاصيل المقترحات التي حصلت عليها بلبريس، يتجه التفكير داخل بعض الأحزاب إلى تجاوز نظام “الكوطا” الحالي الذي أثبت محدوديته وعزز المحاباة و الريع الحزبي على حساب الكفاءات.
ويتم تدارس مقترح جريء يقضي بترشيح الأحزاب في دوائر انتخابية بعينها للنساء فقط، رغم أن هذا المقترح قد يصطدم بعقبات دستورية وقانونية.
كما يجري الحديث عن اعتماد لائحة وطنية جديدة تضم نساء واطرا بمعايير دقيقة ومحددة، بهدف منع وصول من يطلق عليهم “أصحاب الشكارة” الى المؤسسات التشريعية دون أي إضافة نوعية.
وفي كواليس النقاشات، يتم تدارس مقترحات أخرى بعضها يمكن وصفه بالغريب، مثل فرض جزاءات على المواطنين الذين لم يشاركوا في الانتخابات، انطلاقا من مبدأ أن التصويت ليس حقا فقط بل واجبا وطنيا.
وعلى الجانب التقني، هناك مقترح جدي برقمنة عملية التصويت لتسريعها في مكاتب الاقتراع ورفع عدد المصوتين، بالاضافة الى إلزام الجماعات المحلية بتسجيل كل المواطنين البالغين 18 سنة بشكل تلقائي في اللوائح الانتخابية.
وكشف مصدر مطلع من داخل أحزاب الأغلبية، أن الأسبوع المقبل سيشهد حسما في المقترحات التي سيتم تقديمها لوزارة الداخلية قبل فاتح شتنبر المقبل.
وأوضح المصدر، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، أن المبادئ العامة التي تؤطر هذه المقترحات ترتكز على تعزيز تمثيلية النساء والشباب والجالية وذوي الاحتياجات الخاصة، باعتبارها أولوية.
وأكد أن هناك توجها واضحا نحو “الرفع من عدد النساء” تحقيقا لمبدأ المناصفة الذي ينص عليه الدستور، وبهدف “الاقتراب من نبل العمل السياسي”.
وفي المقابل، أشار المصدر إلى أن “مسألة الشباب فيها نقاش”، مما يعني أن آليات تعزيز تمثيليتهم لا تزال قيد التداول داخل مكونات الأغلبية.
وتؤكد مصادرنا أن النقاش يطال أيضا ضرورة وضع معايير واضحة لترشيح الكفاءات، مع الاعتراف بأن القوانين قد تكون موجودة لكن الصعوبة تكمن في تنفيذها، اضافة الى ضرورة سد الثغرات القانونية التي يستغلها بعض المرشحين بسوء نية لضرب خصومهم خلال الحملات الانتخابية.