في خطوة تشريعية لافتة، كشف مشروع القانون رقم 19.25، المتعلق بحماية الحيوانات الضالة والوقاية من أخطارها، عن توجه جديد لدى السلطات المغربية نحو تنظيم شامل لمسؤولية الأفراد والمؤسسات تجاه الحيوانات، وتحديد آليات التعامل معها، في ظل الجدل المتصاعد محليًا ودوليًا حول مصير الكلاب الضالة بالمملكة.
ويتضمن المشروع مقتضيات تُنظم علاقة مالك الحيوان أو حارسه به، حيث تُلزم المادة 7 منه المالك بحماية الحيوان من كل ما قد يهدد صحته وسلامته، والحرص على وقايته من الأمراض، ومنع شروده أو وجوده دون مراقبة في الفضاءات العامة، بما في ذلك الشوارع والمباني السكنية المشتركة.
ويُلزم المشروع المالك أيضًا بالتوفر على دفتر صحي خاص بالحيوان، والتصريح به على منصة إلكترونية مخصصة لهذا الغرض، فيما تمنح المادة 8 للحيوان رقمًا تعريفياً يُلزم حمله بشكل دائم، على أن يُصرّح المالك بكل تغيير يطرأ على وضعية الحيوان، مثل نفوقه أو إصابته بمرض خطير أو انتقال ملكيته.
التصريح الإجباري وفقدان الحيوان
عند فقدان الحيوان، يُلزم المشروع المالك بالتصريح عبر المنصة في أجل لا يتعدى 3 أيام، وإذا تم العثور عليه في مركز رعاية، يُخطر المالك لتسلمه في غضون 10 أيام، ويتحمّل تكاليف الإيواء خلال هذه المدة. أما في حال عدم تسلمه، يُعتبر الحيوان متخلى عنه رسميًا.
كما ينص المشروع على إمكانية التخلي الطوعي عن الحيوان، شريطة إيداعه بمركز رعاية مقابل وصل قانوني، وتحيين بياناته إلكترونيًا.
عقوبات صارمة للمخالفين
ويقترح المشروع عقوبات مالية وحبسية، تشمل غرامات بين 10.000 و20.000 درهم لمن يتعمد ترك الحيوان في الشارع، وغرامات تتراوح بين 5.000 و15.000 درهم لعدم التصريح أو غياب الدفتر الصحي، إضافة إلى عقوبات بالحبس من شهر إلى ثلاثة أشهر وغرامات على من يعرض الحيوان للخطر عمدًا.
كما يُعاقب بغرامات تصل إلى 15.000 درهم كل من لم يُحدّث البيانات عند فقدان الحيوان، أو لم يُصرّح بالنفوق أو المرض الخطير، أو لم يحرص على حمل الحيوان لرقمه التعريفي.
القانون في سياق الاستعدادات لكأس إفريقيا والعالم
ويأتي هذا القانون في سياق استعدادات المغرب لاحتضان تظاهرات رياضية كبرى، أبرزها كأس إفريقيا للأمم 2025، وكأس العالم لكرة القدم 2030، وهو ما فجر جدلاً حاداً حول طريقة تعامل السلطات مع ملف الكلاب الضالة.
جمعيات حقوق الحيوان، وعلى رأسها مؤسسة “بريجيت باردو” الفرنسية، اتهمت المغرب بـ”تكثيف حملات قتل الكلاب الضالة” لتحسين صورة المدن قبيل هذه الأحداث، مستندة إلى تقديرات غير رسمية تُقدّر عدد الكلاب الضالة بثلاثة ملايين كلب بحلول 2030.
كما طالبت المؤسسة الفرنسية الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) بسحب تنظيم المونديال من المغرب بسبب ما وصفته بـ”الانتهاكات البيئية والإنسانية” ضد الكلاب، وهو ما نفته الحكومة المغربية بشدة.
نفي رسمي واتهامات بـ”تشويه صورة المغرب”
من جانبه، رد وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت على هذه الاتهامات، واصفًا إياها بـ”هجمات إعلامية ممنهجة”، تقوم على “معطيات خاطئة ومغلوطة خارجة عن سياقها الحقيقي”، مؤكدًا أن المغرب يعتمد منذ 2019 استراتيجية تعتمد على التقاط الكلاب، وتعقيمها، وتلقيحها، بدل التخلص منها.
ويهدف مشروع القانون، وفق الجهات الرسمية، إلى إيجاد توازن دقيق بين حماية المواطنين من الأخطار الصحية المرتبطة بالحيوانات الضالة، وضمان حقوق هذه الحيوانات في الرعاية والحماية، بعيدًا عن الحلول المتطرفة أو المشوهة التي تسيء لصورة المملكة.