قال الطاهر موحوش، عضو المكتب السياسي لفيدرالية اليسار الديمقراطي، إن اللقاء الذي جمع وزير الداخلية بالأحزاب السياسية حول التحضير للاستحقاقات التشريعية المقبلة، شكّل خطوة أولى في مسلسل المشاورات، مؤكدا أن اللقاء جرى في أجواء إيجابية، وأن الوزارة وضعت إطارا عاما للتحضير للانتخابات، بناءً على التوجيهات الملكية الواردة في خطاب العرش ليوم 29 يوليوز 2025.
وأوضح موحوش، في تصريح لـ”بلبريس”، أن الاجتماع خلُص إلى الاتفاق على منهجية الاشتغال، حيث دُعيت الأحزاب إلى تقديم مقترحاتها بشأن المنظومة الانتخابية في أجل أقصاه نهاية شهر غشت الجاري، قصد مناقشتها لاحقا بشكل تفصيلي، والوصول إلى صيغة توافقية تُعرض على البرلمان خلال الدورة التشريعية المقبلة في أكتوبر، قصد اعتمادها قبل نهاية السنة.
وفي ما يخص تصورات فيدرالية اليسار الديمقراطي، شدد موحوش الذي حضر الاجتماع ممثلا لـ”الرسالة” على أن الحزب يركز، قبل كل شيء، على ضرورة توفير شروط سياسية واجتماعية حقيقية تُمكّن من إجراء انتخابات ذات مصداقية ومشاركة واسعة. وقال: “لا يمكن الحديث عن مصداقية الانتخابات دون انفراج سياسي، يشمل إطلاق سراح المعتقلين على خلفية الاحتجاجات، ووقف المتابعات بسبب الرأي أو التدوينات، إلى جانب اتخاذ إجراءات حكومية ملموسة للتخفيف من الغلاء وتدهور القدرة الشرائية”.
وأضاف أن “تكرار نفس السياسات العمومية السابقة يؤدي إلى الإحباط، ويضعف منسوب الثقة في المؤسسات، ويحول الانتخابات إلى عملية شكلية لا تفتح أفقا جديدا للمواطنين”، لذلك، يربط الحزب المشاركة الواسعة بإشارات سياسية قوية، من قبيل الانفتاح على مطالب الحركات الاجتماعية، وحوار اجتماعي مثمر مع النقابات.
وفي الشق التقني، أوضح موحوش أن الفيدرالية تدعو إلى مراجعة شاملة للمنظومة القانونية المؤطرة للانتخابات، من خلال إعادة النظر في اللوائح الانتخابية، وتبني التسجيل التلقائي للمواطنين المؤهلين للتصويت، مع الاعتماد على قواعد البيانات الوطنية الرسمية.
كما يقترح الحزب، حسب حديث عضو المكتب السياسي لـ”الرسالة”، تقسيما انتخابيا جديدا، يرتكز على تحويل الجهة إلى دائرة انتخابية واحدة، واعتماد نمط اقتراع باللائحة، مع ضمان تمثيلية حقيقية للنساء والشباب، وتشجيع الكفاءات، وتحقيق التوازن المجالي.
كما أكد موحوش على ضرورة تقليص عدد مكاتب التصويت، خاصة في المناطق القروية، وضمان حياد السلطات الإدارية، وفتح المجال الإعلامي العمومي أمام مختلف الفاعلين السياسيين، بدل احتكاره من طرف أحزاب بعينها، مُبرزا أن ضمان تكافؤ الفرص يمر عبر ضبط الإنفاق الانتخابي، ومحاربة شراء الأصوات، وتوفير آلية فعالة للطعن في النتائج.
وفي هذا الصدد، أوضح موحوش أن فيدرالية اليسار تقترح تقليص عدد مكاتب التصويت في المدن والتجمعات السكانية الكبرى، وليس في القرى والمناطق النائية، التي تتسم ببعد المسافات بين الدواوير والمداشر.
وفي ما يخص الجالية المغربية بالخارج، شدد موحوش على أن مشاركتها السياسية حق دستوري، يجب تفعيله بشكل عملي، عبر تمكينها من التصويت والترشح، سواء في الانتخابات التشريعية أو المحلية، مع تيسير آليات المشاركة عن بُعد أو عبر السفارات والقنصليات.
واقترح الحزب كذلك إحداث هيئة مستقلة للإشراف على الانتخابات، على غرار ما هو معمول به في عدد من الدول الإفريقية، تفعيلا لمقتضيات الميثاق الإفريقي للديمقراطية والانتخابات والحكامة، كما طالب بإحداث آلية وطنية لتقييم العملية الانتخابية، ونشر تقرير مفصل عن كل مراحلها، بما في ذلك التمويل، وسلوك الإدارة، وإحصاء الأصوات، مع حفظ أرشيف الانتخابات لدى الجهات القضائية المختصة.
كما شدد موحوش على أهمية الحفاظ على أوراق الاقتراع، بما فيها الأوراق غير المنازع فيها، داخل المحكمة الإدارية المختصة ترابيا، إلى حين انتهاء آجال الطعن، قبل إحالتها على مؤسسة أرشيف المغرب، مع تطبيق قانون الأرشيف بشأنها.
واختتم موحوش بالقول إن فيدرالية اليسار الديمقراطي تتطلع إلى انتخابات حرة ونزيهة، تُعيد الثقة للمواطن، وتؤسس لمسار ديمقراطي حقيقي، شرط توفر الإرادة السياسية للإصلاح.