يسجل الدرهم المغربي حضورا متزايدا في عدد من دول غرب إفريقيا ومنطقة الساحل، في سياق تطور العلاقات الاقتصادية والتجارية بين المغرب وهذه الدول، مدفوعا بارتفاع وتيرة الاستثمارات المغربية المباشرة في القارة خلال السنوات الأخيرة.
وبحسب معطيات رسمية، ارتفعت قيمة الاستثمارات المغربية المباشرة في إفريقيا لتتجاوز 2.8 مليار دولار بحلول سنة 2024، لتضع المملكة في المرتبة الثانية ضمن قائمة أكبر المستثمرين الأفارقة بالقارة. وتشمل هذه الاستثمارات قطاعات استراتيجية مثل البنوك، الاتصالات، الطاقة، والبنية التحتية.
وقد أسهمت هذه الدينامية في تعزيز تداول الدرهم المغربي على نحو متزايد، خاصة في التعاملات المالية والتجارية التي تربط فاعلين اقتصاديين في المغرب بنظرائهم في دول إفريقية عدة. ويلاحظ أن بعض المؤسسات المالية والتجارية بهذه الدول تلجأ إلى استخدام الدرهم في جزء من معاملاتها، لا سيما في التعاملات العابرة للحدود.
ورغم هذا التوسع، يظل الفرنك الإفريقي (CFA) العملة الرسمية لغالبية دول غرب إفريقيا، في وقت تستمر فيه النقاشات حول إطلاق عملة إقليمية موحدة تحت مسمى "Eco"، وهو مشروع لم يدخل بعد حيز التنفيذ ويستلزم توافقات سياسية واقتصادية واسعة النطاق.
في هذا السياق، يرى عدد من المحللين أن استخدام الدرهم خارج حدوده لا يعني بالضرورة تحوله إلى بديل رسمي، بل يعكس في الوقت الراهن واقعا اقتصاديا مرتبطا بحجم التبادلات التجارية والاستثمارات المغربية في المنطقة. أما التحول إلى عملة إقليمية أو بديل رسمي، فهو مسار معقد يتطلب قرارات سيادية وتنسيقا على مستوى البنوك المركزية.
وبين التوسع الفعلي والطموح المحتمل، يبدو أن الدرهم المغربي يرسّخ موقعه كعملة ذات حضور متزايد في غرب إفريقيا، في انتظار ما ستفرزه التحولات النقدية المستقبلية على مستوى القارة.