الولائم الانتخابية..تقليد أثار الجدل وتجاوزات متكررة
لطالما ارتبطت الحملات الانتخابية في المغرب بعادات تقليدية، من بينها تنظيم الولائم الانتخابية التي تهدف إلى حشد الدعم الشعبي عبر استقطاب الناخبين وجذب رجال السلطة والمنتخبين. رغم أن بعض هذه المناسبات تميزت بأجواء اجتماعية إيجابية، إلا أن كثيراً منها أثار جدلاً واسعاً بسبب استغلال النفوذ وتقديم امتيازات غير قانونية، ما أدى إلى تداخل بين المال السياسي والسلطة التنفيذية، وهو ما يُعد انتهاكاً لروح النزاهة الانتخابية.
على مدى السنوات الماضية، توالت الدعوات لإعادة النظر في هذه الممارسات، خصوصاً مع تصاعد مطالب تعزيز شفافية الانتخابات وحماية حُرية الناخب من الضغوط المباشرة.
مقاطعة تاريخية في الدريوش: رفض الوليمة الانتخابية “لبرلماني طنجة”
في مشهد استثنائي، قاطع كافة رجال السلطة ورؤساء الجماعات في إقليم الدريوش وليمة انتخابية أقامها برلماني سابق قادم من طنجة، والذي يشتهر بتغيير انتمائه الحزبي ويطمح إلى استعادة مقعده في البرلمان. المأدبة التي أقيمت في منزل رئيس جماعة إفرني بميضار، لم تحظ بأي حضور رسمي من قياد وباشوات الإقليم، ما يُعد رفضاً صريحاً لتجاوزات الماضي ورسالة دعم صريحة لتوجيهات وزارة الداخلية بشأن الحياد الانتخابي.
هذا الرفض الواسع جاء رغم الادعاءات التي روّج لها المرشح بأنه “مرشح وزير الداخلية” وصديق مقرب له، وهو ما اعتبره سكان الإقليم ومراقبون محاولة لإعادة استغلال النفوذ السياسي بالطرق القديمة، إلا أن صرامة التعليمات الوزارية والتزام رجال السلطة أجهضت هذه المحاولات.
اللجوء إلى حراس السيارات وموظفي الأوقاف: صورة من الإحراج السياسي
مع غياب المنتخبين وأغلب رجال السلطة، اضطر البرلماني السابق إلى استدعاء حراس السيارات وبعض موظفي الأوقاف بالمساجد المجاورة لتأثيث مأدبته، في محاولة غير ناجحة لتفادي الإحراج السياسي. هذه الخطوة أثارت استنكاراً شعبياً واسعاً، واعتُبرت دليلاً على ضعف تأثير النفوذ القديم وعدم قدرة بعض الفاعلين على مواكبة التغيرات السياسية الراهنة التي تؤكد على النزاهة والشفافية.
الخطوات الإيجابية نحو انتخابات نزيهة: إشارات على تحول إيجابي
رغم كل الضغوط والتحديات، تعكس هذه الحادثة في الدريوش خطوة مهمة نحو تعزيز الالتزام بالحياد الانتخابي ونبذ الممارسات التي تُضر بالمشهد الديمقراطي. ويُثمن المواطنون هذه المواقف الصارمة التي تتماشى مع الجهود الوطنية لتعزيز نزاهة الانتخابات وحماية حق التصويت من التدخلات المشبوهة.
تحول في المشهد السياسي ومستقبل الحملات الانتخابية
ويرى مراقبون أن مقاطعة رجال السلطة لهذه الوليمة الانتخابية في الدريوش تمثل مؤشراً واضحاً على بداية تغيرات جذرية في طريقة إدارة الحملات الانتخابية بالمغرب، حيث بدأ الوعي بأهمية الالتزام بالحياد والشفافية يترسخ لدى الفاعلين المحليين. ويؤكد هؤلاء المراقبون أن نجاح مثل هذه الخطوات يرتبط بشكل مباشر بقدرة مؤسسات الدولة على تطبيق القوانين الانتخابية بصرامة، وفرض مبدأ عدم استغلال النفوذ أو الموارد العامة في دعم مرشحين معينين.
كما يشيرون إلى أن هذه الحادثة قد تكون بمثابة إنذار للسياسيين الذين يعتمدون على أساليب الولائم والامتيازات لجذب الناخبين، مؤكّدين أن الشعب المغربي أصبح أكثر وعياً بحقوقه وأقل قبولاً بالممارسات التي تهدد نزاهة الانتخابات.
في الختام، يعتبر المراقبون أن تعزيز الحوكمة والشفافية في المراحل المقبلة من الحملات الانتخابية سيسهم في بناء ثقة أكبر بين المواطن والمؤسسات، مما يعزز من ديمقراطية المشاركة ويقلل من مظاهر الفساد السياسي.