المغرب في مرمى العواصف: تقرير دولي يقرع جرس الإنذار
كشف مؤشر هشاشة التمويل المناخي (The Climate Finance Vulnerability Index)، الصادر حديثًا عن كلية كولومبيا للمناخ التابعة لجامعة كولومبيا بنيويورك بشراكة مع مؤسسة روكفلر، عن معطى مثير للقلق: المغرب يحتل المرتبة 124 من أصل 188 دولة، في تصنيف يقيس مدى قدرة الدول على الصمود في وجه الكوارث الطبيعية والبشرية، والوصول إلى التمويل اللازم لمواجهتها والتعافي من آثارها.
ويضع هذا الترتيب المغرب ضمن الشريحة "المعرضة بشدة"، في ظل تزايد الصدمات المناخية عالمياً وارتفاع تكلفة مواجهتها، وهو ما يثير تساؤلات جدية حول جاهزية البلاد أمام التغيرات المناخية المتسارعة، وقدرتها على تعبئة الموارد المالية اللازمة.
وحذّر التقرير من أن أكثر من ملياري شخص حول العالم يعيشون في دول تقع ضمن ما يُعرف بـ"المنطقة الحمراء"، وهي فئة الدول ذات الهشاشة العالية في مواجهة الكوارث. وتشمل هذه المنطقة 65 دولة، غالبيتها من الدول ذات الدخل المنخفض أو المتوسط، حسب تصنيف منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD).
وتستأثر إفريقيا جنوب الصحراء بالنصيب الأكبر من هذه الدول بـ43 دولة تحتضن أكثر من 1.2 مليار نسمة، فيما تضم القائمة أيضًا دولًا من آسيا كباكستان وبنغلادش، وأمريكا اللاتينية والكاريبي، بالإضافة إلى قبرص وأوكرانيا في أوروبا.
وأورد التقرير أرقامًا صادمة حول الكلفة البشرية والمادية المتوقعة: أكثر من 14 مليون وفاة محتملة بسبب موجات الحر والفيضانات وغيرها من الظواهر المناخية، وخسائر اقتصادية قد تبلغ 12.5 تريليون دولار بحلول 2050. كما حذر البنك الدولي من أن غياب الاستثمارات المناخية قد يدفع 132 مليون شخص إضافي نحو الفقر بحلول 2030.
وقال جيف شليغلميلش، مدير المركز الوطني للاستعداد للكوارث بـ"كلية كولومبيا للمناخ"، وأحد واضعي المؤشر، إن “الكوارث المناخية تتزايد من حيث الشدة والتكرار، لكن الدول الأكثر تضرراً غالبًا ما تكون مثقلة بالديون، وتُحرم من التمويلات اللازمة لتأمين الوقاية والاستجابة". واعتبر أن نماذج التمويل التقليدية "لم تعد تواكب حجم المخاطر المناخية المتزايدة".
من جانبه، شدد إريك بيلوفسكي، عن مؤسسة روكفلر، على أن المؤشر الجديد "يفتح نقاشًا عالميًا جادًا حول عدالة توزيع التمويلات التنموية، ويوفر أداة للممولين لتحديد أولوياتهم بناءً على درجة الهشاشة الحقيقية، وليس فقط على أساس الدخل".
وفي السياق ذاته، أشار الباحث جوتام جاين، من مركز كولومبيا لسياسات الطاقة، إلى أن المؤشر "يمكن أن يُحدث تحولًا نوعيًا في كيفية توجيه تمويل التكيف المناخي، من خلال تمكين المانحين من اختيار الدول التي يمكن أن تحقق فيها مساهماتهم الأثر الأكبر".
المؤشر الجديد لا يكتفي بتقييم الأخطار، بل يضع إصبعه على مكمن الخلل: غياب العدالة المناخية في التمويل، ويطالب بتحرك دولي أكثر إنصافًا، فيما يبقى على الدول مثل المغرب الإسراع بتعزيز قدرتها على التفاوض والتمويل، قبل أن تتحول التحديات المناخية إلى أزمات لا تُحتمل.