اللقاء التواصلي القوي لأخنوش بالداخلة يقلب موازين القوى بجهات الصحراء

عرفت الداخلة عاصمة العمق الأطلسي الاسبوع الماضي حدثا سياسيا مزلزلا ستكون له تداعيات على المشهد الحزبي والسياسي بجهات الصحراء المغربية، زلزال كان من وراءه عزيز اخنوش الذي أطلق أول لقاءاته الجهوية التواصلية من الداخلة تحت شعار: من مسار التنمية لمسار الإنجاز من الداخلة بحضور 8 وزراء وأخنوش هو الوزير 9، وجل أعضاء المكتب السياسي، منسق الحزب بالجهة، وكافة مناضلي الحزب بالجهة.
شكل ومضمون اللقاء التواصلي لأخنوش بالداخلة أكد بأن حزب التجمع الوطني للأحرار أصبح حزب التنظيم والمؤسسات، نظم برهانات دقيقة وبلوجستيك وبتنظيم كبيرين، سيجعلون من حزب التجمع رقما صعبا في المعادلة الانتخابية المقبلة قد تؤهله لقيادة الحكومة المقبلة لولاية ثانية.
وللأمانة العلمية فحزب التجمع للأحرار تحت قيادة عزيز اخنوش أصبح حزبا منظما وحداثيا ومؤسساتيا يعمل بخطة استراتيجية دقيقة متميزا بذلك عن باقي الأحزاب الأخرى، الأمر الذي جعل كثير من المهتمين بالشأن السياسي الوطني يلاحظون التغييرات التي عرفها الحزب منذ انتخاب اخنوش رئيسا للحزب.
وبالعودة لتوقيت ولمكان اللقاء التواصلي لأخنوش بالداخلة ، فيمكن أن نقول أن له عدة دلالات ورسائل لمن يهمه الأمر ، يمكن الوقوف عند أهمها:
دلالات ورسائل اختيار الداخلة أول محطة لإطلاق اخنوش للقاءاته الجهوية:
للمكان دلالات عميقة ورسائل مشفرة في العالم السياسي، فاختيار الفاعل السياسي للأمكنة ليس اعتباطا، بل هو اختيار براغماتي يهدف من ورائه تمرير رسائل لمن يهمه الأمر.
وعليه ، فاختيار اخنوش الداخلة كمنطلق لجولاته الجهوية لها دلالات عميقة مفادها أن حزب الأحرار قادم لعمق الصحراء، ويراهن أن تصبح مدينة الداخلة هي جهة الحزب لكونها هي العاصمة الاقتصادية لمغرب الغد، والبوابة الافريقية للعمق الأطلسي ولدول الساحل مع قرب الطي النهائي لنزاع الصحراء المفتعل، ولا يمكن لحزب التجمع الوطني للأحرار الذي يقوده رجل أعمال مثل اخنوش أن لا يكون حاضرا في جهة الداخلة وادي الذهب بكونها القطب المالي والاقتصادي لمغرب الغد.
ويتبين من كلمات اخنوش وباقي صقور الحزب، أن تدشين جولاته الجهوية من الداخلة فيها رسائل لمن يهمه الأمر من الأحزاب، خصوصا الاستقلال الحزب التقليدي المهيمن على جهات الصحراء بكونها قلاعا استقلالية تاريخية لا يمكن لأي حزب أن ينافسه عليها خصوصا جهتي الداخلة وادي الذهب والعيون الساقية الحمراء التي تهمين عليها عائلة الرشيد، التي حولتها لجهة نموذجية رائدة وهذه حقيقة لا يختلف حولها اثنان حيث أصبحت مدينة العيون إحدى أجمل مدن المملكة.
وعليه، فتدشين اخنوش جولاته الجهوية من الداخلة الأسبوع الماضي، وتنظيم جولته الجهوية الثانية الأسبوع المقبل من العيون، فيها رسائل قوية .
الأولي: موجهة لخصوم الوحدة الترابية مفادها أن المغرب في صحرائه، والصحراء في مغربها، وبهذا اللقاء الجهوي يكون حزب اخنوش أول حزب مغربي يعقد تجمعا جماهيريا كبيرا بحجم لقاء الداخلة، بعد تأكيد الرئيس الأمريكي مغربية الصحراء.
الثانية : موجهة لكل الأحزاب تؤكد بأن اخنوش يدخل التنافس الانتخابي بجهات الصحراء من الباب الواسع، فأخنوش يمتلك السلطة، المال، والأعيان ولن يقبل بأن تبقى أهم جهات الصحراء خارج قلاعه، لذلك سيراهن على جهة الداخلة وادي الذهب التابعة لحزب الاستقلال في ظل حرب شرسة بين رئيس جهة الداخلة وادي الذهب الاستقلالي ينجا الخطاط، ورئيس جهة العيون الساقية الحمراء الاستقلالي حمدي ، حرب صعبة ومعقدة بين الرئيسين النافذين الاستقلاليين بأهم جهات الصحراء، مما يضع نزار بركة أمام معادلة صعبة أما الحفاظ على جهة العيون الساقية الحمراء ودعم حمدي ولد الرشيد ليبقى رئيسا للجهة بتنسيق مع اخنوش تفاديا لأي مواجهة بين اخنوش وولد حمدي الرجلين الثريين، والتضحية بينجا الخطاط وترك جهة الداخلة وادي الذهب لأخنوش، وفي هذه الحالة يجب أن نضع فرضية أخرى، هي إمكانية التحاق ينجا الخطاط بالتجمع الوطني للأحرار ليحافظ علي رئاسة جهة الداخلة، لكن هذه الفرضية ستطرح إشكالية أخرى لأخنوش تتجسد في مآل العائلة النافذة بالداخلة عائلة حرمة الله .
لذلك، يعتقد الكثير من الباحثين أن الخريطة الحزبية بجهات الصحراء لن تبق كما كانت قبل اللقاء القوي لأخنوش الأسبوع الماضي بالداخلة، والأسبوع المقبل بالعيون، وأن إمكانية وقوع مواجهات انتخابية قوية بين حزبي التجمع الوطني للأحرار والاستقلال بجهتي الداخلة وادي الذهب والعيون الساقية الحمراء تبقى واردة خصوصا بجهات معروفة بولائها لمفهوم القبيلة قبل الولاء للمؤسسة.
لذلك من المنتظر أن تتحرك جهات ما لتنسق بين اخنوش ونزار بركة وولد الرشيد لضمان دخول سلس لأخنوش ولحزبه لدوائر انتخابية كانت تابعة سنوات للاستقلالي ولد الرشيد، كما يفترض أن يكون من بين أسباب التقارب والتنسيق الانتخابي بين حزبي الاستقلال والتجمع اللذان يقودان الحكومة الحالية لقيادة حكومة المونديال، لأنه لحد الآن كل المؤشرات توحي بإمكانية قيادة أحد الحزبين الحكومة المقبلة، أما حزب الاصالة والمعاصرة فهو خارج سباق قيادتها لأسباب ذاتية وموضوعية سنتعرض لها في مقال مقبل.
لهذا، نخلص بأن نزول اخنوش بثقله الرمزي لجهات الصحراء سيكون له ما بعده، مما يوحي بأن هناك خريطة انتخابية تتشكل بجهات الصحراء المغربية في ظل التغييرات الجيو سياسية التي تعرفها المنطقة مع قرب الطي النهائي لملف مغربية الصحراء، الأمر الذي سيرغم حزب الاستقلال بإعادة ترتيب أوراقه السياسية والإنتخابية ليس بجهة العيون الساقية الحمراء فقط بل بكل جهات المملكة وخصوصا بجهات الصحراء.