ارتفاع مبيعات الإسمنت يكشف زخم الأشغال الكبرى وتباطؤ العقار السكني
يواصل قطاع البناء والأشغال العمومية بالمغرب تسجيل أداء قوي، مدفوعاً بارتفاع ملحوظ في مبيعات الإسمنت، التي تُعد المؤشر الأبرز لنشاط هذا القطاع الحيوي. فقد كشفت بيانات رسمية حديثة صادرة عن مديرية الدراسات والتوقعات المالية بوزارة الاقتصاد والمالية أن مبيعات الإسمنت ارتفعت بنسبة 4.5% خلال الفصل الأول من سنة 2025، مقارنة بتراجع طفيف بلغ 0.4% خلال الفترة نفسها من السنة الماضية.
ويأتي هذا النمو في سياق انتعاش القروض الموجهة لتمويل أنشطة العقار والإسكان، حيث سجلت هذه القروض نمواً بنسبة 2.7% خلال الشهرين الأولين من السنة الجارية، ما يعزز دينامية السوق العقارية رغم التحديات القائمة.
أنيس بنجلون، نائب رئيس الفيدرالية الوطنية للمنعشين العقاريين، أوضح في تصريح أن المعطيات الحالية تؤكد ارتباطاً وثيقاً بين تسارع الأشغال الكبرى للبنيات التحتية والزيادة المطّردة في استهلاك مادة الإسمنت، معتبراً أن هذا المعطى أصبح عنصراً هيكلياً يصعب تجاهله في قراءة مؤشرات القطاع.
وأشار بنجلون إلى أن الارتفاع في مبيعات الإسمنت، خاصة أصناف الخرسانة الجاهزة والمُصنعة مسبقاً، يعود أساساً إلى الزخم الذي يشهده قطاع الأشغال العمومية، وليس بالضرورة نتيجة انتعاش السوق السكنية أو الطلب العقاري المباشر. وأضاف أن قطاع البناء والتشييد عرف نشاطاً ملحوظاً، رغم التحديات المتعلقة بارتفاع تكاليف اليد العاملة، التي سجلت زيادة تجاوزت 30%، خاصة بعد تحسن القطاع الفلاحي بفضل التساقطات المطرية الأخيرة.
وفيما يتعلق بالمؤشرات التي تهم المنعشين العقاريين، نبه بنجلون إلى أن المعيار الأهم يبقى عدد الوحدات السكنية قيد الإنجاز أو تلك التي تم الإعلان رسمياً عن انتهاء أشغال بنائها، موضحاً أن هذا المؤشر شهد تراجعاً ملموساً خلال الفترة الأخيرة.
وأبرزت نشرة مديرية الدراسات والتوقعات المالية لشهر أبريل أن نمو مبيعات الإسمنت يعزى بالأساس إلى انتعاش عمليات الشحن الخاصة بقطاع "الصنع المسبق" بنسبة 16.8%، إلى جانب نمو بنسبة 18.6% في مبيعات "الخرسانة الجاهزة"، ما يعكس دينامية متواصلة في إنجاز المشاريع الكبرى.
وعلى مستوى التمويل، أظهرت الأرقام ارتفاعاً في قروض السكن بنسبة 2.1%، مقابل 1.6% سابقاً، إلى جانب انتعاش قوي في قروض المنعشين العقاريين بنسبة 6.6%، بعد أن سجلت تراجعاً طفيفاً العام الماضي بنسبة 0.7%.
