استقبال وفد "القبائل" بالبرلمان الفرنسي يُحرج الجزائر ويفضح ازدواجية مواقفها

في خطوة قد تُفسر على أنها تجاهل للموقف الرسمي الجزائري، استقبلت عضو مجلس الشيوخ الفرنسي عن منطقة بوش دو رون، فاليري بوير، يوم الخميس الماضي، وفداً  بـ"حكومة القبائل في المنفى"، يتقدمه رئيسها فرحات مهني.

وتم الاستقبال الرسمي لوفد "حكومة القبائل"، الذي ضم أيضاً أعضاء من حركة تقرير المصير في منطقة القبائل (الماك)، داخل مقر مجلس الشيوخ الفرنسي بقصر لوكسمبورغ في باريس، من قبل السيناتور بوير المنتمية لحزب الجمهوريين.

وقد أكدت السيناتور الفرنسية هذا اللقاء عبر تغريدة على حسابها بمنصة "إكس"، قائلة: "كان لي الشرف أن أستقبل في مجلس الشيوخ، الحكومة القبائلية في المنفى، بالإضافة إلى أعضاء حركة تقرير المصير في منطقة القبائل (الماك)".

وكشفت بوير أنه تم خلال الاجتماع التطرق لوضع الكاتب الفرنكوجزائري بوعلام صنصال، المحكوم بخمس سنوات سجناً في الجزائر، بالإضافة إلى قضايا سجناء رأي قبائليين آخرين وشخصيات أخرى مسجونة بسبب آرائها السياسية. وأشارت إلى تأكيد الوفد القبائلي على التزامه بالنهج السلمي للمطالبة بحق تقرير المصير، معربةً عن دعمها لقضيتهم واستعدادها لنقل مخاوفهم ومطالبهم إلى المؤسسات الفرنسية.

المثير للاستغراب هو الصمت المطبق الذي التزم به النظام الجزائري تجاه هذه الخطوة الفرنسية، رغم مرور أكثر من يومين على استقبال شخصية مثل فرحات مهني، الذي أصدرت ضده المحاكم الجزائرية أحكاماً غيابية بالسجن المؤبد بتهم "الإرهاب".

هذا الصمت الجزائري يتناقض بشكل صارخ مع ردود الفعل السريعة والعنيفة التي دأبت الجزائر على إظهارها تجاه المغرب في مواقف أقل أهمية بكثير، إمعاناً في عدائها المستمر للمملكة.

ويطرح هذا الصمت الجزائري الغريب تجاه الخطوة الفرنسية أكثر من سؤال حول جدية ومصداقية مواقف النظام العسكري. فإذا كانت الجزائر جادة فعلاً في الدفاع عن سيادتها وقضاياها التي تعتبرها خطوطاً حمراء، فلماذا التزمت الصمت المطبق أمام استقبال رسمي لوفد تعتبره "إرهابياً" في قلب إحدى أهم مؤسسات الدولة الفرنسية؟

ولماذا أقامت الدنيا ولم تقعدها قبل أسابيع قليلة فقط على زيارة الوزيرة الفرنسية رشيدة داتي للصحراء المغربية، معتبرة إياها استفزازاً، بينما تغض الطرف الآن عن استقبال برلماني فرنسي لغريمها السياسي الأبرز؟

إن هذه الازدواجية في المواقف تضع النظام الجزائري في موقف حرج، وتكشف عن سياسة خارجية تبدو انتقائية ومبنية على حسابات ظرفية أكثر من كونها دفاعاً مبدئياً عن قضايا وطنية، مما يضعف من هيبته ومصداقيته على الساحة الدولية.