يتأكد كل يوم ان النظام الجزائري هو الفاعل الرئيس في النزاع المفتعل حول مغربية الصحراء، وما تأسيس جبهة البوليساربو علي اراضيه الا ذريعة لمعاكسة المغرب ، حيث ان عقدة النظام الجزائري اتجاه المغرب اصبحت اليوم انها اكثر تضخما.
سبب هذا الكلام هو قرار مجلس الأمة الجزائري، وهو الغرفة الثانية في البرلمان، “التعليق الفوري” لعلاقاته مع مجلس الشيوخ الفرنسي، بسيب زيارة رئيسه جيرار لارشيه الصحراء المغربية.
والغريب في بيان قرار مجلس الأمة بالجزائر هو قوة تنديده بهذه الزيارة ، والتي وصفها ب“اللا مسؤولة والمستفزّة والاستعراضية”، معلنا “التعليق الفوري لعلاقاته مع مجلس الشيوخ للجمهورية الفرنسية، بما في ذلك بروتوكول التعاون البرلماني الموقع بين المجلسين” في عام 2015.
انها الوقاحة السياسية ان يتدخل رئيس مؤسسة جزائرية في زيارة رسمية لرئيس مجلس الشيوخ الفرنسي، جيرار لارشيه إلى مدينة العيون، كبرى حواضر الصحراء المغربية، في إطار ترسيخ الاعتراف الفرنسي بالسيادة المغربية على صحرائه، وايضا تأكيدا لدعم باريس لمبادرة الحكم الذاتي المغربية كحل لنزاع الإقليمي حول الصحراء.
زيارة المسؤول الفرنسي للعيون أعتبرت تاريخية بعد زيارة السفير الفرنسي ووزيرة الثقافة رشيدة داتي لهذه المنطقة ، زيارة وقف فيها المسؤولون الفرنسيون على مستوى التنمية الشاملة التي تعرفها اقليم الصحراء تحت القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة.
زيادة تمخض عنها عدة للقاءات للوفد الفرنسي مع عدد من المسؤولين، من بينهم والي جهة العيون الساقية الحمراء، عبد السلام بكرات، ورئيس الجهة (الجهة مجموعة أقاليم)، سيدي حمدي ولد الرشيد. وأضافت أن النقاش تناول المشاريع التنموية الكبرى التي تشهدها المنطقة، وسبل تعزيز التعاون المغربي الفرنسي في مختلف المجالات، خصوصًا على الصعيدين الاقتصادي والثقافي.
وما أرعب النظام الجزائري وصدمه ،ودفع رئيس مجلس الامة إصدار البيان السابق ذكره ،هو ما قال رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي " “إن حاضر ومستقبل الأقاليم الجنوبية لا يمكن أن يُبنى ويتكرّس إلا في إطار سيادة المغرب على كامل أقاليمه”، مؤكدًا في كلمة بمناسبة استقباله في العيون أن موقف فرنسا من قضية الصحراء هو خيار استراتيجي تتبناه الدولة الفرنسية بأكملها. كما أعلن عن عزم فرنسا تعزيز حضورها القنصلي في الأقاليم الجنوبية، في خطوة تعكس إرادة باريس في توطيد علاقاتها مع المغرب على أسس أكثر عمقًا واستدامة، انه تصريح قوي ومزلزل ومرعب للنظام الجزائري كونه اكد من عمق العيون أن موقف فرنسا من قضية الصحراء هو خيار استراتيجي تتبناه الدولة الفرنسية باكملها.
وخلال لقائه بنظيره المغربي محمد ولد الرشيد، رئيس مجلس المستشارين، شدد هذا الأخير على أن العلاقة بين البرلمانين المغربي والفرنسي تظل قوية ومتينة، مشيدًا بدور الدبلوماسية البرلمانية في تعزيز التفاهم المشترك والدفاع عن القضايا العادلة للمغرب على المستوى الدولي. وخاطب ولد الرشيد نظيره الفرنسي بالقول “أنت في أرض مغربية أبا عن جد”.
وتعكس هذه الزيارة، بحسب مراقبين، منعطفًا مهمًا في الموقف الفرنسي تجاه قضية الصحراء، خاصة أنها تأتي بعد زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون إلى المغرب في يوليو/ يوليو 2024، حيث أكد خلالها دعمه لمبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.
ورحب المغرب بهذه الزيارة باعتبارها دعمًا صريحًا للسيادة الوطنية وتعزيزًا للشراكة الاستراتيجية بين البلدين، فيما أثارت ردود فعل إقليمية متباينة، حيث انتقدت الجزائر الخطوة واعتبرتها “تصعيدًا دبلوماسيًا”.
إلى جانب الشق السياسي، شملت زيارة لارشيه بعدًا ثقافيًا وتعليميًا مهمًا، حيث قام بوضع الحجر الأساس للمدرسة الفرنسية في العيون، والتي تهدف إلى تقديم تعليم عالي الجودة وتعزيز التبادل الثقافي بين البلدين. كما زار مقر “الرابطة الثقافية الفرنسية” في المدينة، حيث جدد التأكيد على أهمية التعاون الثقافي كدعامة رئيسية للعلاقات الثنائية.
ويأتي هذا الاهتمام الفرنسي بتطوير الحضور الثقافي والتعليمي في العيون استمرارًا للدينامية التي أطلقتها زيارة وزيرة الثقافة الفرنسية، رشيدة داتي، إلى المدينة في وقت سابق، حيث أعلنت عن مشاريع ثقافية مشتركة تهدف إلى تعزيز الحوار الثقافي والتقارب بين الشعبين المغربي والفرنسي. كما أكدت حينها أن فرنسا تدرك الأهمية الاستراتيجية للأقاليم الجنوبية في النسيج الثقافي المغربي، وهو ما ينعكس في تكثيف المبادرات الثقافية المشتركة بين البلدين.
ويرى ملاحظون أن زيارة لارشيه إلى المغرب تأتي لتدشن مرحلة جديدة في العلاقات الثنائية بين الرباط وباريس، وتعكس إرادة البلدين في تعزيز الشراكة الاستراتيجية على كافة الأصعدة. كما تشكل خطوة إضافية في اتجاه توطيد الاعتراف الدولي بسيادة المغرب على الصحراء، ودعم المساعي المغربية لحل النزاع الإقليمي في إطار مقترح “الحكم الذاتي”.
انها زيارة الحسم ، في انتظار فتح القنصلية الفرنسية بالصحراء كما صرح بذلك رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي، جيرار لارشيه بالعيون امام ممثلي قبائل ونخب الصحراء