في خطوة استفزازية، أعلنت “البوليساريو” تنظيم مناورات عسكرية ضخمة على هامش احتفالاتها المزعومة، في المنطقة العازلة تيفاريتي، بعد ما شهدته المنطقة طيلة مارس وأبريل الماضيين من توتر، وذلك قبيل اعتماد القرار الأممي رقم 2414 حيث تصر الجبهة الإنفصالية على خرق كل الالتزامات الدولية، ضاربة بعرض الحائط القرار الدولي الذي طالب بشكل واضح أطراف النزاع في الصحراء بعدم القيام بأي نشاط يهدد الأمن والسلم في المنطقة.
وقال عبد الفتاح الفاتحي خبير استراتيجي متخصص في قضية الصحراء والشؤون الإفريقية، في تصريح ل”بلبريس” بأن :”عودة جبهة البوليساريو إلى أسلوب الاستفزاز في المناطق العازلة ناجم عن انحصار الطرح الانفصالي اقليميا ودوليا، حيث أكد المجتمع الدولي في قرار مجلس الأمن الأخير رقم 2414 على المقاربة الواقعية الموسوم بها المقترح المغربي عبر منح الأقاليم الجنوبية حكما ذاتيا موسعا قد أربكت الرؤية السياسية والدبلوماسية للجزائر وربيبتها جبهة البوليساريو.
وأشار الفاتيحي بكون عدم انصياع البوليساريو والجزائر للقرار الأممي الذي دعاها إلى الانسحاب الفوري من المناطق العازلة هو “إنتحار سياسي”، قبل أن يكون انتحارا عسكريا، بالنظر إلى الموقف الصارم الذي أبداه المغرب حيال مثيل هذه الانتهاكات لشروط الاتفاق العسكري رقم 1.
وأشار الخبير الإستراتيجي بأن جبهة البوليساريو وهي تحاكي المناورات العسكرية الجزائرية في المناطق العازلة إنما “تخرج عن دائرة الإجماع الدولي الذي حملها قلقه من توغلاتها في منطقة الكركرات ومحاولتها نقل بعض المنشآت الإدارية والعسكرية إلى بئر لحلو وتفاريتي، فلا يمكن تصور هذه المجازفة من دون تحريض ودعم جزائري بين. والجزائر بذلك تعبث بالأمن والسلم بالمنطقة، حيث لجأت في الآونة الأخيرة إلى استعراضات عسكرية بالذخيرة الحية وبشكل مكثف.
ويعود الفاتحي، في تحليله إلى القرار الأممي الأخير الذي أنهى أسطورة الأراضي المحررة، وقزم من حجم قيادات جبهة البوليساريو الذين كثيرا ما افتروا كذبا على المحتجزين بأنهم مصدر انتصارات ميدانية وهمية من خلال الادعاء بوجود أراضي محررة، ولذلك فإن الجبهة اليوم بين سندان ضغط القرارات الدولية الأخيرة ومطرقة الضغط الداخلي الذي فقد الثقة في قياداتها. ضغط يتضاعف بعد ارتفاع أصوات جزائرية تقييم مستقبل دعم واحتضان الجزائر لجبهة البوليساريو في وقت باتت قناعة الرأي العام الدولي تزداد رسوخا بالمقاربة الواقعية والتي توفرها المبادرة المغربية لمنح الأقاليم الجنوبية حكما ذاتيا موسعا.
ويتابع الخبير تحليله بالقول ” الخطوة تثير أسئلة جد محرجة، لكنها تبرز بقوة من خلال استقراء معادلة الضغط التي تعيشها الجزائر والبوليساريو، بأن ذلك هو ما يدفعهما إلى هكذا أسلوب لتصدير الغليان الداخلي من الجزائر والمخيمات إلى الخارج لكسب مزيد من الوقت”.
وتعد المناورات العسكرية للبوليساريو في منطقة تيفارتي العازلة، حسب الفاتحي، تقويضا لعملية السلام التي ترعاها الأمم المتحدة وتأجيجا للوضع في المنطقة بالتزامن مع مناورات عسكرية جزائرية أسمتها بـ“طوفان 2018″ قرب المياه الإقليمية المغربية وأخرى بمنطقة الورقلة. مناورات وصفت بأنها الأضخم، حشدت لها ترسانة عسكرية برية وبحرية وجوية. وأعقبتها تصريحات لا تخفي تهديدا مبطنا للمغرب، إذ اعتبرها الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني الحاكم بمثابة إنذار لكل من “يريد شرا بالبلاد”.
وختم الخبير تصريحه بالقول”بأن التحرك نحو الحدود يؤكد بالأدلة والقرائن قيام تعاون عسكري ولوجستيكي مشبوه بين حزب الله وجبهة البوليساريو تحت إشراف السفارة الإيرانية بالجزائر وبمباركة جزائرية، وهو الأمر الذي يجعل الجزائر والبوليساريو في دائرة الاتهام بتهديد الأمن والسلم في المنطقة وفي عموم افريقيا”.