حل الرئيس الفرنسي، إيمانيل ماكرون، أمس الاثنين بالمغرب في إطار زيارة دولة تمتد لثلاثة أيام بناء على دعوة من الملك محمد السادس، تم خلال اليوم الأول منها التوقيع على عدد من الاتفاقيات (22 اتفاقية) بين المملكة المغربية والجمهورية الفرنسية في عدد من المجالات.
وتمحورت الاتفاقيات الموقعة بين الطرفين حول تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين، بما يفتح الباب أمام باريس نحو العودة إلى مقدمة سباق الشراكة الاقتصادية، وذلك بعد “الأزمة الصامتة” التي عرفتها العلاقات بين البلدين والتي فسحت المجال أمام شراكات جديدة.
وعن هذه الزيارة نقدم بعض التصريحات التي لها علاقة بالموضوع:
وزيرة الثقافة رشيدة داتي: شراكتنا مع المغرب تحظى بأهمية متزايدة
أكدت وزيرة الثقافة الفرنسية، رشيدة داتي، أمس الاثنين بالرباط، أن علاقات التعاون بين المغرب وفرنسا في المجال الثقافي تحظى بأهمية متزايدة.
وقالت داتي، في تصريح للصحافة، عقب حفل التوقيع على عدد من الاتفاقات بين المملكة المغربية والجمهورية الفرنسية، الذي ترأسه الملك محمد السادس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون: “المغرب وفرنسا وقعا على عدة اتفاقيات تمكنهما من تطوير تبادلات حقيقية في جميع المهن المرتبطة بالثقافة والفن والسينما والتراث”.
وأضافت “إنها شراكة قوية سنعمل على تنفيذها بكل تأكيد”، مشيرة إلى أن المغرب وفرنسا تجمعهما روابط صداقة وشراكة تاريخية.
وتابعت داتي بالقول “كل ما نقوم به مع المغرب تاريخي، لأن الإنسانية حاضرة في علاقاتنا”.
كما أشادت وزيرة الثقافة الفرنسية بالتزام المغرب القوي بالحفاظ على تراثه وتاريخه.
وزير الداخلية برونو ريتيليو:الاتفاقيات ستوطد العلاقات بين البلدين
أكد وزير الداخلية الفرنسي، برونو ريتيليو، أن زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى المغرب، تعد تكريسا لصداقة طويلة الأمد بين الرباط وباريس.
وقال ريتيليو، في تصريح للصحافة، عقب حفل التوقيع على عدد من الاتفاقيات بين المملكة المغربية والجمهورية الفرنسية، الذي ترأسه الملك محمد السادس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون: “أنا سعيد جدا لكوني ضمن الوفد المرافق لرئيس الجمهورية إلى المغرب”.
وأبرز وزير الداخلية الفرنسي أن هذه الاتفاقيات ستوطد العلاقات بين البلدين في الأشهر والسنوات المقبلة.
وتابع بالقول “لقد وقعت اتفاقين مهمين، الأول يتعلق بإعلان نوايا بشأن تعزيز التعاون في مجال الوقاية المدنية، والذي سيمكننا من تطوير العلاقات والتبادل في مجال الحماية المدنية حول عدد من المواضيع المهمة”.
وأشار الوزير الفرنسي إلى أن الاتفاق الثاني يتعلق بإعلان نوايا بشأن تعزيز التعاون في مجال مكافحة الحرائق في الفضاءات الطبيعية، لا سيما طائرات إخماد الحرائق والتقنيات الجوية لمكافحة حرائق الغابات، مضيفا “سنحقق تقدما كبيرا ولأننا أصدقاء، فلا شيء مستحيل”.
وزير الاقتصاد أنطوان أرمون:المغرب وفرنسا يمضيان قدما في شراكات مستقبلية
أكد وزير الاقتصاد والمالية والصناعة الفرنسي، أنطوان أرمون، أن المغرب وفرنسا يمضيان قدما معا في شراكات مستقبلية.
وقال الوزير الفرنسي، عقب حفل التوقيع على عدد من الاتفاقيات بين المملكة المغربية والجمهورية الفرنسية، الذي ترأسه الملك محمد السادس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون: “أنا فخور جدا بعمل (ALSTOM) و(EGIS) و(VOSSLOH) مع المقاولات المغربية، والذي يثبت أننا نمضي قدما معا في شراكات تكنولوجية مستقبلية”.
وأضاف أن السكك الحديدية يعتبر أحد المجالات الذي يتقاسم فيه المغرب وفرنسا “تاريخا وشراكة عريقين”، مشيدا بأوجه التعاون الممتازة بين البلدين في مجالات الاقتصاد والصناعة والطاقة.
من جهة أخرى، أعرب أرمون عن سعادته بـ “حفاوة الاستقبال” الذي خصصه الملك محمد السادس للرئيس الفرنسي، منوها بالتوقيع، بمناسبة هذه الزيارة، على العديد من الاتفاقيات بين البلدين في العديد من القطاعات.
وزيرة التربية الوطنية آن جينيتي:شراكتنا زستمكن من تحفيز مبادرات جديدة
أكدت وزيرة التربية الوطنية الفرنسية، آن جينيتي، أن الاتفاقية الموقعة، أمس الاثنين بالرباط، بين فرنسا والمغرب في مجال التربية للفترة 2024-2026، ستمكن من تحفيز مبادرات جديدة للتعاون المعمق بين البلدين.
وأوضحت جينيتي في تصريح للصحافة، عقب حفل التوقيع على عدد من الاتفاقيات بين المملكة المغربية والجمهورية الفرنسية، الذي ترأسه الملك محمد السادس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أن هذه الاتفاقية، التي تشكل إعلانا للنوايا من أجل التعاون في مجال التربية 2024-2026، تأتي لتعزيز الاتفاقية الإطار القائمة بين البلدين منذ سنة 2017 في هذا المجال.
وأشارت إلى أن الأمر يتعلق أيضا بـ “مواكبة” المغرب في إطار مخططه لإصلاح المنظومة التربوية في أفق 2030، من خلال تبادل الخبرات في هذا المجال.
ويهدف إعلان النوايا للتعاون في مجال التربية، الذي وقعه كل من وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة محمد سعد برادة، ووزيرة التربية الوطنية الفرنسية آن جينيتي، ووزير التعليم العالي والبحث باتريك هيتزل، “إلى تطوير التعاون الثنائي في محاور دعم التكوين المتميز، ومواكبة شعب التعليم التقني، وتعزيز شبكة المؤسسات التعليمية الفرنسية بالمغرب، والمساهمة في تدريس اللغة العربية بفرنسا، وإعادة تنشيط الشراكات بين الأكاديميات”.
الدكتور ميلود بلقاضي:زيارة استثنائية في محطة تاريخية استثنائية واستقبال استثنائي يجسد عظمة وفخامة ملك
علمنا التاريخ ان العظماء يصنعون التاريخ، ويصنعون الاحداث التي نغير مجرى هذا التاريخ ، وهذا ما ينطبق على جلالة الملك محمد السادس في سياسته الخارجية، الذي توفق في توجيه حاضر ومستقبل المملكة المغربية والجمهورية الفرنسية ،نحو شراكة متينة واستراتيجية.
تجسد كل ذلك في نوعية الاستقبال الملكي للرئيس الفرنسي ماكرون ، وفي نوعية الاتفاقيات المبرمة بين الدولتين ، وفي نوعية الوفد المرافق للرئيس الفرنسي الذي يعد اضخم وفد رافق ماكرن في زياراته الخارجية لكل الدول .
استقبال العظمة والفخامة، واتفاقيات نوعية تليق بمستوى موقف الرئيس الفرنسي والجمهورية الفرنسية اتجاه الوحدة الترابية; وهذا ما تضمنه بيان الديوان الملكي، الذي اكد أن المباحثات التي جرت بين قائدي البلدين تناولت الانتقال نحو مرحلة جديدة للعلاقات القوية بين المغرب وفرنسا، في إطار شراكة استثنائية متجددة، وخارطة طريق استراتيجية للسنوات المقبلة، لاعطاء دفعة حاسمة للعلاقات الممتازة متعددة الأبعاد بين المغرب وفرنسا، من أجل الأخذ في الاعتبار طموحات البلدين، ومواجهة التطورات والتحديات الدولية سويا. .وأوضح البيان: ”أن الرئيس الفرنسي والعاهل المغربي اتفقا على العمل بشكل منسق من أجل تعزيز التوجه الأورومتوسطي، الإفريقي والأطلسي، ضمن مقاربة للعمل المشترك تخدم الازدهار والتنمية البشرية والمستدامة. وشددا على أهمية تجديد الشراكة بين ضفتي المتوسط بشكل معمق من أجل بناء مستقبل أكثر استقرارا، ومستداما ومزدهرا، بالنسبة لمجموع المنطقة، مع الاستجابة للرهانات السوسيو اقتصادية والبيئية الراهنة.”
وردا عن اعلام النظام الجزائري الذي انتقد – بشدة- زيارة ماكرون للمغرب ،نقول ان القادة الكبار مثل جلالة الملك محمد السادس وفخامة الرئيس الفرنسي يصنعون تاريخا وامجادا ، والقادة الصغار يبددون اوطانا.
الخبير عمر المرابط: زيارة ماكرون تحيي آمال فرنسا في العودة إلى مقدمة سباق الشراكة مع المغرب
في تعليقه حول الموضوع، أوضح الخبير في العلاقات المغربية الفرنسية، عمر المرابط، أن فرنسا من خلال هذه الزيارة تهدف إلى تعزيز حظوظها للحصول على أكبر حصة من الاستثمارات التي ينوي المغرب القيام بها استعدادا للاستحقاقات الدولية الكبرى، على رأسها كأس العالم 2030، من قبيل تمديد خط السكة الحديدية للقطار فائق السرعة إلى مراكش ثم إلى أكادير، وكذا توسيع أسطوله من القطارات.
وأبرز المرابط أن فرنسا تخوفت من تراجع حصتها من الاستثمارات المغربية التي حافظت فيها على المركز الأول خلال السنة الماضية، رغم وصول الأزمة إلى أوجها آنذاك، موضحا أن “انقطاع الزيارات بين مسؤولي البلدين كان ليؤثر لا محالة على الشراكة الاقتصادية بين الطرفين”، وهو ما سيمنع فرنسا من الحصول على حصص جديدة، خصوصا في ظل استعداد المغرب لإطلاق استثمارات ضخمة.
وأشار الخبير إلى أن تعزيز العلاقات بين الجانبين في شقها الاقتصادي، يفيد المغرب كذلك، نظرا للتقارب بين البلدين على مستوى عدد من المجالات كالتكنولوجيا والتاريخ، بالإضافة إلى المجال الثقافي، مشيرا في هذا الجانب إلى أن “الأطر المغاربة يتحدثون الفرنسية أكثر من الإنجليزية، وبالتالي من السهل عليهم التواصل مع الشركات الفرنسية، على عكس بعض الشركات الأخرى التي تعتمد اللغة الإنجليزية”.
في هذا السياق، أشار المتحدث إلى أن حصول فرنسا على صفقة تمديد القطار فائق السرعة نحو مراكش سيسهل عمليات الصيانة على المغرب، علما أن الشطر الأول بين طنجة والدار البيضاء كان من نصيب فرنسا، موضحا أن اختلاف التكنولوجيا بين خطي الشمال والجنوب قد يعقد بعض الأمور المتعلقة بالصيانة.
وأردف المرابط أنه خلال الفترة السابقة كان المغرب يتوفر على مشاريع محدودة، إلا أن الطفرة الاقتصادية التي عرفها المغرب خلال الفترة الأخيرة جعلت منه “ورشًا كبيرًا مفتوحًا”، مشددا في نفس الوقت على أنه حتى “إذا أخذت فرنسا بعض الامتيازات في بعض الصفقات، فهناك مقابل سياسي وهو دعم المغرب في وحدته الترابية. وبالتالي فإن الأمر ليس هباءً منثورًا، بل يُعطى مقابل دعم سياسي، وهذا الدعم السياسي سيكون وازنًا بحكم الموقع الفرنسي”.
على الجانب السياسي، أضاف المرابط أن هذه الزيارة تأتي في سياق “يئس فيه الرئيس الفرنسي ماكرون من النجاح في تطوير علاقته بالجزائر”، مبرزا أنه رغم “أهمية الجزائر بالنسبة لفرنسا لكونها دولة منتجة للغاز والبترول، لكنها سياسيًا تبقى دولة غير مستقرة، وطبيعة مسؤوليها غير مستقرة ومواقفهم متذبذبة”.
وفي غضون ذلك، خلص المتحدث إلى أنه رغم التوازن الذي تحاول فرنسا الحفاظ عليه في علاقتها مع كل من المغرب والجزائر، إلا أن التطورات الأخيرة جعلت الكفة تميل أكثر إلى المغرب، مشيرا إلى ما يعنيه ذلك بالنسبة لقضية الصحراء، خصوصا أن “فرنسا تتمتع بعضوية في مجلس الأمن، وهو ما يمنح قرار ميزة خاصة، رغم أن الاعتراف بصيغة أو بأخرى جاء من قبل من إسبانيا وألمانيا وهولندا وبلجيكا، لكنها دول ليست عضوة في مجلس الأمن”.
الخبير الشرقاوي الروداني:من المهم تقييم مدى جدية الولايات المتحدة وفرنسا تجاه الاعتراف بمغربية الصحراء
الخبير المغربي الشرقاوي الروداني، قال في تصريح صحفي إنه « من المهم تقييم مدى جدية الولايات المتحدة وفرنسا تجاه الاعتراف بمغربية الصحراء »، مشيرا إلى أنه « يمكن القول إن لكل من الدولتين منهجا مختلفا يعكس سياقاتها الاستراتيجية ومصالحها الجيوسياسية ».
وبينما يتوقع البعض افتتاح فرنسا لقنصلية لها بالعيون بهذه المناسبة، قال الروداني، « من سيكون جادا في الأسلوب الجيوسياسي بالاعتراف بمغربية الصحراء: أمريكا أم فرنسا؟ »، مضيفا، « افتتاح فرنسا قنصلية في العيون سيعطيها مكانة متقدمة ».
وأوضح الروداني أن « افتتاح فرنسا قنصلية في العيون، سيكون خطوة رمزية ذات دلالة كبيرة، حيث سيوفر لها وجوداً دبلوماسياً مميزاً يُعزز نفوذها في المنطقة، ويقوي دورها في المجال الجيوسياسي للمنطقة ».
الدكتور سعيد الصديقي:هذه الزيارة تأتي لتتويج الجهود التي بذلت خلال سنوات
من جهة أخرى، قال سعيد الصديقي، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، « هذه الزيارة تأتي لتتويج الجهود التي بذلت خلال سنوات، بهدف إعادة علاقات البلدين إلى وضعها الطبيعي ».
وأوضح الصديقي في تصريح صحفي، أن « اعتراف فرنسا الصريح بالسيادة المغربية على الصحراء، ودعم مبادرة الحكم الذاتي، بمثابة نقطة تحول في العلاقات الثنائية بين البلدين ».
وخلص الصديقي إلى أن « ما سيترتب عن هذه الزيارة من تداعيات إيجابية، على المستوى الاقتصادي أساسا، يأتي لتتويج مسار نهجه المغرب، واليوم حان الوقت لقطف ثماره ».
وكانت العلاقات المغربية الفرنسية تأزمت في شتنبر 2022، حين أعلنت فرنسا تشديد شروط منح التأشيرات للمواطنين المغاربة، وأرخت تداعيات الأزمة بين البلدين بظلالها على العلاقات الاقتصادية، قبل أن تتراجع حدة الأزمة عقب إعلان المغرب في أكتوبر 2023 تعيين سميرة سيطايل، سفيرة جديدة لدى باريس، بعد بقاء المنصب شاغرا لنحو سنة كاملة.
وفي يوليوز الماضي، وجه الرئيس ماكرون، رسالة إلى الملك محمد السادس، أبدى خلالها دعمه لمقترح الرباط بشأن الحكم الذاتي في الصحراء.
الخبير الموساوي العجلاوي:العلاقات المغربية الفرنسية تسير نحو أفق دبلوماسي وسياسي جديد”
الموساوي العجلاوي، خبير في العلاقات الدولية أستاذ باحث بمركز إفريقيا والشرق الأوسط، قال: “منذ ثلاث سنوات كانت العلاقات متوترة بين الطرفين وكانت هناك مزايدات من الجانب الفرنسي، لكن بعد الرسالة الملكية هذه محطة أساسية أيضا يمكن ربطها مع هذه الزيارة للتأكيد على أن العلاقات المغربية الفرنسية تسير نحو أفق دبلوماسي وسياسي جديد”.
وأضاف العجلاوي، أن الزيارة تطرح أفقا جديدا “إن على مستوى العلاقات البينية بين فرنسا والمغرب، أو على مستوى ما يمكن أن تقدمه وما سيتبعها من إمكانات للتأثير أو لخلق محيط جيو-سياسي جديد يربط بين باريس وداكار مرورا بنواكشوط والرباط ومدريد وفرنسا، بحاجة إلى هذا العمق الإفريقي والى هذا المجال الجيو-سياسي”.
وأوضح العجلاوي أن الزيارة من شأنها أن “تعلن عن ملامح المرحلة المقبلة”، مذكرا بأن “الوفد المرافق لماكرون يضم كلا من الجانب الاقتصادي والعسكري والاجتماعي والإنساني، وفد كبير من ذوي الجنسيات المزدوجة او الأصول المغربية سيرافقون ماكرون، إذن هو إعلان من لدن فرنسا عن انتقال العلاقات المغربية الفرنسية إلى مستوى جديد
الدكتور تاج الدين الحسيني:الزيارة من شأنها أن ترسم معالم العلاقات المغربية الفرنسية خلال العقود المقبلة
من جانبه، قال تاج الدين الحسيني، أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، إن “الزيارة من شأنها أن ترسم معالم العلاقات المغربية الفرنسية خلال العقود المقبلة”، مؤكدا أن “ما حدث يشكل منعطفا أساسيا في هذه العلاقات سواء الثنائية أو على مستوى علاقات فرنسا بمنطقة شمال غرب إفريقيا”.
وأضاف الحسيني، أن “الرئيس الفرنسي سبق ضمن رسالته أن وضع الخطوط الأولى لهذه الزيارة وما سيأتي فيما بعد، بحيث وصف الحل الوحيد للنزاع المفتعل حول الصحراء بأنه في تطبيق الحكم الذاتي، بل ذهب إلى تقديم اعتراف صريح بمغربية الصحراء عندما قال إن حاضر منطقة الصحراء ومستقبلها لا يمكن أن يندرج إلا في ظل السيادة المغربية، وأظن أن هذا من الأسباب التي جعلت العاهل المغربي ينوه برسالة ماكرون، بل ويوجه إليه الشكر من أعلى قبة البرلمان بمناسبة افتتاح أشغال الغرفتين”.
واعتبر الحسيني أن “هذه الزيارة جاءت لتعبر عن هذا التعاطف القوي بين رئيسي الدولتين، وهي بالتأكيد زيارة دولة التي تعني الكثير ضمن المصطلحات الدبلوماسية، وزيارة دولة مطبوعة بوجود فريق ضخم من الوزراء والمسؤولين يصل إلى مائة شخص، بينهم تسعة وزراء، على رأسهم وزراء السيادة، بما في ذلك الداخلية والخارجية والدفاع ورئيس الأركان، وهذا يعني أن التوافقات التي ستتحقق خلال هذه الزيارة ستعرف كل المجالات الممكنة لتطوير العلاقات الثنائية”.
وأردف قائلا: “بالتالي، سواء على المستوى الاقتصادي أو المستوى الثقافي أو مستوى الدفاع، هناك مشاريع كبرى تنتظر الطرفين، وهي مشاريع لا تقوم على مفهوم المساعدة أو الدعم فقط، بل كذلك على مبدأ المصالح المشتركة ورابح-رابح؛ لأن المغرب يعتبر أن علاقاته مع فرنسا في المستقبل ينبغي أن تكون قائمة أساسا على الندية وعلى المصالح المشتركة”.
وتابع: “بطبيعة الحال هذا هو الذي يدعم هذه العلاقات بشكل أفضل؛ لأنه ربما العلاقات القائمة على المساعدة قد يظهر فيها نوع من الهيمنة والتسلط، وهذه أشياء أصبح المغرب يرفضها، فهو ينوع شراكاته عبر العالم، وهو يعتبر فرنسا فعلا طرفا رئيسيا في هذه المعاملة ولكن في هذا الإطار بالتأكيد”.
وعلى المستوى الاقتصادي، ذكر الحسيني بأن الرئيس الفرنسي سبق أن أعلن أن “بلاده سترافق المغرب في استعداداته لكأس إفريقيا للأمم لكرة القدم وأيضا في الاستعدادات لكأس العالم لسنة 2030، ناهيك عما ورد في الرسالة من كون المشاريع التي ستعرفها الصحراء ستكون فرنسا طرفا فيها”.
الدكتور هشام برجاوي:باريس استوعبت أن سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية حقيقة ثابتة تاريخا وقانونا وواقعا
أكد أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس بالرباط والمحلل السياسي هشام برجاوي أن :”باريس استوعبت أن سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية حقيقة ثابتة تاريخا وقانونا وواقعا”.
وقال برجاوي :”يمكن اعتبار الزيارة التي يقوم بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى المغرب بمثابة ترجمة عملية وفعلية للموقف الواضح الذي تبنته الحكومة الفرنسية اتجاه الوحدة الترابية للمملكة”.
واضاف برجاوي :”لقد سبق لرئيس جمهورية فرنسا أن أفاد، في رسالة وجهها إلى جلالة الملك محمد السادس، أن حكومته تعترف بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، كما التزم السيد إيمانويل ماكرون بأن بلاده ستعمل على تكريس اعترافها بالوحدة الترابية المغربية على صعيدي العلاقات الثنائية وكذا العلاقات متعددة الأطراف”.
وأردف قائلا:”ينبغي أن نستحضر، في هذا السياق، الخطاب الذي وجهه عاهل البلاد إلى الأمة سنة 2022 تخليدا للذكرى ال69 لثورة الملك والشعب، حيث أكد جلالته على أن المغرب ينتظر من بعض الدول، من شركاء المغرب التقليديين والجدد، التي تتبنى مواقف غير واضحة، بخصوص مغربية الصحراء، أن توضح مواقفها، وتراجع مضمونها بشكل لا يقبل التأويل”.
وزاد قائلا:”بعد استقراء الوقائع المرتبطة بالصحراء المغربية والمكاسب الدبلوماسية التي حققتها المملكة لحل هذا النزاع المفتعل، اتضح لحكومة فرنسا أن سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية حقيقة ثابتة تاريخا وقانونا وواقعا”.
وخلص إلى القول: “زيارة رئيس جمهورية فرنسا إلى المغرب تعزيز ملموس لموقفه الجديد الداعم، بشكل صريح ولا لبس فيه، للوحدة الترابية للمملكة المغربية، كما أنها ستكون فرصة مفصلية لوضع أولويات الشراكة بين البلدين وملاءمتها”