الانتخابات الجزئية.. محاولة لترميم الفرق النيابية في ظل قضايا الفساد
أثار ت ملفات الفساد بالنسبة لمجموعة من الفاعلين السياسيين بالمغرب، الكثير من المشاكل الدستورية على مستوى العمل المؤسساتي، خصوصا على مستوى البرلمان، والجماعات المنتخبة.
غير أن المشرع الدستوري تنبأ لهاته الإشكالية المحتملة، من خلال إجراء انتخابات جزئية، كلما كان المنصب شاغرا، الأمر الذي يحرف الشرعية الانتخابية.
فالمناصب ليست إلاّ تعبير عن إرادة الناخب، حول اختيار من سيمثل الجماعة على مستوى المجالس المنتخبة، كما هو الحال بالنسبة للمؤسسة التشريعية.
لكن الانتخابات الجزئية التكميلية، مجرد تقنية تشريعية ترقيعية، لترميم صفوف الفرق والمجموعات، لكنها لا تعبر عن الشرعية الانتخابية.
كما تثير العديد من المشاكل ذات الصال بالعمل البرلماني على سبيل المثال، في مجلس النواب على وجه الخصوص، حيث أن أغلب النواب ينتمون لفرق ومجموعات.
فما ماَل المجموعات والفرق في حال إعلان مقاعد برلمانية شاغرة؟ لأنهما يشترطان اكتمال النصاب القانوني من أجل التشكل، ومهددة بالانهيار في حال شغور المقعد.
في النظام الداخلي لمجلس النواب، لا يمكن أن يقل عدد كل فريق عن 20 عضوا، من غير النواب المنتسبين؛ أما المجموعات النيابية، فلا يمكن أن تقل عن 4 أعضاء.
ويمكن لكل نائبة أو نائب غير منتم لأي فريق أو مجموعة نيابية، الانتساب إلى أي فريق من الفرق أو المجموعات النيابية بعد تأسيسها.
والملاحظ أن المجموعات لم تشترط نفس الانتماء في اكتمال النصاب القانوني؛ عكس الفرق التي تشطر الانتماء، ثم آنذاك يمكن لأي نائب الانتماء إليها.
وفي خضم الأحداث السياسية الأخيرة، بعد تجريد عدد كبير من البرلمانيين من العضوية، نتيجة للفساد السياسي، باتت مقاعدهم شاغرة، في انتظار ترميمها بالانتخابات الجزئية التكميلية.
غير أن بعض المجموعات مهددة بالتفكك، في حال سقوط برلمانيين فيها في ملفات الفساد، بعد أن أضحى ذلك عاديا، في ظل استفحال ظاهرة الفساد بين صفوف النخبة السياسية.
هنا مكن القانون الداخلي للمجلس بالنسبة للنائب المعوض، في حالة تعويض نائبة أو نائب أو إجراء انتخابات جزئية، لشغل مقعد شاغر بالمجلس.
وفي حالة حل الفريق أو المجموعة النيابية التي كانت تنتمي إليها النائبة أو النائب، يمكن لأي منهما الانتماء إلى أي فريق أو مجموعة نيابية أخرى أثناء الفترة النيابية؛ أو أن يظل بدون انتماء.
غير أن الخاسر الكبير في كل هاته الحلول الديمقراطية، هي الشرعية الانتخابية، حيث يتم إفراغ المؤسسات المنتخبة، من نتائج الاقتراع.
في حين أن الأصل هو كيف وصل الفاسد إلى البرلمان؟ ولماذا لا تمنح التزكية بناء على التاريخ السياسي والنضالي؟ لماذا يتم تهميش الكوادر والأطر بينما تمنح التزكية للأعيان؟
إن اللجوء إلى الانتخابات الجزئية التكميلية، جاء لترميم تغييرات طفيفة محتملة في المؤسسة التشريعية ؛ دون أن يتوقع هذا الكم الهائل من ملفات الفساد، وإحداث تأثير في صلب الشرعية الانتخابية.
الأمر الذي يقتضي إجراء قيود في الجوهر، تهم إصلاحات تشريعية مؤسساتية، من أجل إغلاق الباب أم الفاسدين، في الولوج إلى المؤسسات، بما ينسجم مع الواقع السياسي الحالي.
إذا أن هذه التغييرات تؤثر في العمل المؤسساتي وتقوض التناغم والانسجام، في ظل إحداث تغييرات في صفوف الفرق والمجموعات، والتأثير على القناعات الفردية لممثلي الأمة.