قفزت الكثير من الأسئلة التي تخص حزب الأصالة والمعاصرة ’’البام’’ في الأيام الماضية بعد الزلزال الذي أحدثه ملف ما يعرف ب’’ إسكوبار الصحراء’’ وهو تاجر مخدرات مالي اعتقل بالمغرب في 2019، وأدلى بمعطيات للمحققين العام الماضي، عن تورط أسماء مسؤولين ومنتخبين ورجال أعمال في قضايا فساد.
تحقيقات الفرقة الوطنية للشرطة القضائية قادت إلى اعتقال اسمين بارزين في حزب الأصالة والمعاصرة، .
هذا الاعتقال الذي تحول بسرعة إلى قضية رأي عام على اعتبار أن البام، الذي يقود الحكومة إلى جانب التجمع الوطني للأحرار والاستقلال، هو الحزب الذي حصل على ثاني عدد أصوات في انتخابات شتنبر 2021.
مراكش.. حكاية جديدة
بعيدا عن هذا الملف وارتباطا بقضايا الفساد، تتجه أنظار متتبعي الشأن العام ببلادنا إلى غرفة الجنايات الابتدائية لدى محكمة الاستئناف بمراكش المكلفة بجرائم الأموال يوم 9 فبراير حيث أطوار محاكمة تخص أحمد التويزي رئيس الفريق النيابي لحزب الأصالة والمعاصرة.
يواجه التويزي، محاكمة في قضية تتعلق بتبديد أموال عمومية والمشاركة في ذلك عندما كان رئيسا لبلدية ايت اورير، بعد شكاية تقدمت بها الجمعية المغربية لحماية المال العام.
وقد حددت غرفة الجنايات الابتدائية لدى محكمة الاستئناف بمراكش المكلفة بجرائم الأموال، يوم 9 فبراير 2024، موعدا للنطق بالحكم في هذه القضية، وذلك بعدما أجلت القضية في دجنبر الماضي لإجراء خبرة تقنية على بعض الصفقات المثيرة للجدل.
وتشير التقارير إلى أن هذه الصفقات تضمنت ااختلالات على مستوى تدبير المشاريع الاستثمارية وتدبير الصفقات، وعلى مستوى تدبير التعمير والمداخيل”..
وتأتي هذه المحاكمة في ظل تزامنها مع المؤتمر الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة، الذي سينطلق هو الاخر يوم 9 فبراير ، ببوزنيقة، لانتخاب قيادة جديدة للحزب.
جلسة التويزي والمؤتمر، لمن الأسبقية؟
تثير هذه القضية اهتمام الرأي العام الوطني، بعد التطورات الأخيرة لملف ما يعرف بإسكوبار الصحراء الذي جر قياديين بارزين في الأصالة والمعاصرة إلى جانب منتخبين ورجال أعمال متورطين في قضايا فساد وأيضا لتزامنها مع انطلاق مؤتمر الحزب ببوزنيقة في يوم جلسة المحكمة المخصصة لرئيس الفريق، ما يطرح الكثير من الأسئلة والفرضيات.
أولا: إذا قرر التويزي حضور المؤتمر، فسيضطر إلى التنازل عن حضور جلسة المحكمة، أو العكس. وفي كلتا الحالتين، فإن ذلك سيؤثر على الحزب.
ثانيا: إذا قرر التويزي التنازل عن حضور جلسة المحكمة، فسيظهر ذلك أنه غير مهتم بالدفاع عن نفسه، وربما يشير إلى أنه مشتبه به بالفعل. وهذا سيؤثر على صورته أمام الرأي العام، وقد يضعف موقفه في المؤتمر.
ثالثا: إذا قرر التويزي حضور المؤتمر، فسيضطر إلى التخلي عن دفاعه في المحكمة، وهذا قد يضر بمصالحه. كما أن ذلك سيعطي انطباعا بأن الحزب يحاول التغطية على قضية فساد.
الارباك الذي يمكن أن يحدثه هذا المستجد على سير اشغال الجلسة الافتتاحية للحزب، يثير فضول المراقبين ويطرح أكثر من سؤال، من قبيل، لماذا لم يغير الحزب تاريخ المؤتمر، وهل سيتجنب التويزي حضور افتتاح المؤتمر احتراما للقضاء؟ خاصة وأن قيادة البام عبرت غير مرة في علاقة بملف اسكوبار الصحراء، أنها تحترم القضاء وتثق فيه، وهو الامر الذي تجلى، في بلاغ المجلس الوطني وتأكد في بلاغ المكتب السياسي أول أمس الخميس 4 يناير 2024.
ولئن رجح مراقبون غياب التويزي عن محكمة مراكش، غير أنهم يرون أن هناك رجة داخل حزب الأصالة والمعاصرة لاتخطئها العين، لم يشهد الحزب مثلها منذ 2011، غداة احتجاجات 20 فبراير، التي وجهت انتقادات لاذعة لرموز الحزب، ورغم ذلك خرج منها أقوى مما كان عليه مع بروز نجم إلياس العماري الأمين العام الأسبق آنذاك على الساحة السياسية.
هي تطورات ومتغيرات تلاحق حزبا سياسيا، قال كثيرون إنه ولد وفي فمه ملعقة من ذهب، كُتب عنه الشيء الكثير وقيل عنه الكثير، وصعد نجمه بسرعة ليتجاوز أحزابا عتيدة قطعت عقودا في العمل السياسي، وسارت تحت جسره مياه كثيرة، لكن يبقى السؤال معلقا، هل يعبر البام هذه الأزمة أيضا بأقل الخسائر كما عبر أزماته السابقة؟
الأشهر المقبلة كفيلة بالإجابة.