تحولت مخيمات تندوف، التي تسيطر عليها ميليشيا “البوليساريو” الانفصالية المسلحة في جنوب غرب الجزائر، إلى بؤرة لتجنيد الأطفال، وأرض خصبة لممارسة مختلف الانتهاكات.
هذا ما أكده العديد من مقدمي الملتمسات الدولية، في تدخلاتهم أمام اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي أجمعت على ضرورة التدخل لوضع حد لانتهاكات عصابة البوليساريو في الصحراويين المحتجزين بمخيمات تندوف.
وفي هذا السياق، أبرزت ميشيل ميسون، عن منظمة (Safety and Security Instructional Services) غير الحكومية، أن الجماعة الانفصالية تفرض سيطرتها، ومنذ 48 عاما، على معسكرات معزولة تقوم بتكوين أطفال جنود.
وأعربت ميسون عن خطورة التلقين والتجنيد العسكري للأطفال، منددة بهذه الممارسة التي تخرق الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل.
وفي هذا الإطار ذكرت المتحدثة أنه يتم تلقين الطلاب ترديد شعارات الكراهية التي يمليها عليهم المشرفون على تدريبهم في مخيمات تندوف.
وطالبت المجتمع الدولي بإدانة هذه الممارسات التي تجعل من الأطفال ضحايا مشاعر الكره منذ الصغر، وكذا استغلالهم من قبل الانفصاليين.
من جهتها أعربت كارول إيدس، عن منظمة “كابيتول هيل براير بارتنرز” غير الحكومية عن قلها إزاء مصير الشباب في مخيمات تندوف، الذين “لا يتوفرون على خيارات للمستقبل”.
ونادت بتسريع الجهود من أجل استئناف مسلسل الموائد المستديرة للأمم المتحدة، بهدف التوصل إلى حل سياسي على أساس مخطط الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب.
وذكرت أن مخطط الحكم الذاتي سيتيح على الخصوص تفكيك مخيمات تندوف، التي يتم استغلالها لإبقاء الساكنة في حالة فقر وظروف كارثية.
وبدورها، نددت شيري إرب عن منظمة “أوازيس نيتوورك” غير الحكومية، بالقمع الذي تتعرض له الساكنة في مخيمات تندوف، حيث يتم تسخيرها لتأجيج نزاع طال أمده، افتعله البلد الحاضن، الجزائر، من أجل خدمة أجندته السياسية في المنطقة.
وأشارت إلى أن “هذه الساكنة وجدت نفسها تحت هيمنة قيادة فاسدة تتمثل أولويتها في مراكمة الثروات الشخصية والسلطة”، مضيفة أن الجزائر مسؤولة أخلاقيا وقانونيا عن هذه المأساة.
المحكم الدولي وعضو المحكمة الدولية لتسوية المنازعات، فراس أبو جمل، أوضح أن الأمر يتعلق بجماعة مرتزقة مسلحين من طرف الدولة الحاضنة لمخيمات تندوف، الجزائر، مبرزا أن هذه الدولة فوضت لهذه الجماعة الانفصالية السلطة على جزء من ترابها الوطني، في خرق غير مسبوق للقانون الدولي الإنساني والمعاهدات الدولية لحقوق الإنسان.
وأضاف المتدخل أن جماعة “البوليساريو” أصبحت جزء لا يتجزأ من شبكات الجريمة المنظمة العابرة للحدود في منطقة الساحل والصحراء، مذكرا بأن العديد من الهيئات والأطراف المستقلة أنذرت بالخطر الحقيقي للأنشطة التخريبية “للبوليساريو”.
ودعا، في هذا الإطار، المنتظم الدولي إلى وضع حد لهذا النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، وحث الدولة المضيفة لمخيمات تندوف على الانخراط في المسلسل السياسي الذي يجري تحت الإشراف الحصري للأمم المتحدة، والكف عن مساندة الأنشطة التخريبية للجماعة الانفصالية المسلحة.
وأبرز الخبير في العلاقات الدولية، ريكاردو سانشيز سيرا، أن إنشاء “البوليساريو” كان نابعا من أطماع جيوسياسية في المنطقة، بهدف المساس بالوحدة الترابية للمغرب، مشيرا إلى أن الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي في مخيمات تندوف جنوب غرب الجزائر، يستدعي أن يتحمل البلد الحاضن مسؤوليته، وينخرط في عملية الموائد المستديرة للتوصل إلى حل نهائي للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، على أساس المبادرة المغربية للحكم الذاتي، التي يصفها مجلس الأمن بالأساس الجاد وذي المصداقية والواقعي.